الجزيرة - حازم الشرقاوي - شالح الظفيري - ندى الربيعة
أكد مختصون عقاريون أن السوق المحلية ظلت متعطشة لصدور أنظمة التمويل العقاري وقالوا في تعليقهم على الأنظمة الخمس التي انفردت بنشرها «الجزيرة» مؤخراً ويُتوقع تطبيقها قريباً أن الأنظمة الجديدة يجب أن يكون لها توابع أخرى تهدف إلى تنظيم العديد من الجهات الفاعلة بالسوق كالصندوق العقاري وقالوا إن الأولية كانت تفرض أن تكون البداية بنظام رهن عقاري يقتصر على قضية الإسكان وما يتعلق ببناء المساكن ومن خلال التجربة يمكن الانتقال إلى أنظمة تمويل موسعة تشمل جميع الجوانب.
وشددوا على أن نظام التنفيذ سيكون له دور بارز في التشريع والتنظيم القانوني لبيئة القطاع العقاري وأبانوا أن التأخر في تنفيذ الأحكام أو تعطيلها يحد من فعالية الأنظمة ويضعف سيادة القانون وصدور نظام التنفيذ بصيغته المعلنة سيضع حلاً جوهرياً لهذا الجانب وأضافوا: ستضيف أنظمة الرهن الجديدة عدة جوانب إيجابية من أهمها إزالة العقبات التي تحول بين البنوك وبين سياسة التوسع في تمويل العقار «السماح للبنوك بتملك العقار لغرض التمويل» الأمر الذي سيعفي البنوك من الالتفاف على الحظر الحالي عن طريق إنشاء شركات صورية أو اللجوء إلى تسجيل العقارات بأسماء أعضاء مجلس الإدارة وإضافة تكلفة المخاطرة على العميل، أو الإحجام عن التمويل، وفيما يتعلق بصندوق التنمية العقاري اقترحوا تحويله إلى بنك استثماري تزامنا مع تنفيذ النظام الجديد وتوقع المختصون أن تساهم الأنظمة الجديدة في توفير التدفق النقدي وتعزز من حركة السوق العقاري خصوصا في مجال الإسكان وأبدى المختصون تخوفهم من استغلال الأنظمة في تسييل عقارات موجودة أصلاً وانتقال هذه السيولة إلى مجالات أخرى قد تكون محفوفة بالمخاطر خصوصاً وأن بعض المستثمرين هم حديثي عهد بالاستثمار في القطاع وتابع المختصون: هناك فئة لن تستفيد من النظام في مجال تملك السكن وهي فئة ما تحت الطبقة المتوسطة وفيما يلي نص حديثهم ل»الجزيرة».
حلول لتحديات
كانت تؤرق القطاع
بداية يقول رئيس غرفة الشرقية عبدالرحمن الراشد إن أنظمة التمويل الخمسة التي تضمنها المشروع من خلال اعتمادها على آليات محددة للتمويل فقد جاءت بحلول جديدة ومتنوعة لمعوقات القطاع كما انه وفرت مخرجا لأزمة السكن كونها تمثل أبرز ملفات القطاع والمجتمع معا، وأضاف الراشد: تشكيل أو إنشاء جهاز أو هيئة لمراقبة تنفيذ وتطبيق هذه الأنظمة سيكون أمراً في غاية الأهمية وأبدى تفاؤله بان توفر هذه الأنظمة حلولاً للعديد من التحديات التي كانت تؤرق القطاع، وتحقق العديد من الإيجابيات على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، من خلال مساهمتها في حل أزمة الإسكان لدى الفئات المتوسطة والمحدودة الدخل، وهي الفئات الأكثر حاجة لمثل هذه الأنظمة، التي تسهل عليها عملية التملك وتسهم في سد ثغرات كثيرة تحد من فعالية وإنتاجية المواطن، وتابع: هناك دورة اقتصادية يتأثر بعضها ببعض، فحينما يتم ضخ سيولة معينة في مشاريع عقارية، فإن الحركة ستدب في كافة الأنشطة المتعلقة بالعقار كنشاط المقاولات، وتجارة مواد البناء، فضلاً عن أنشطة الصيانة والترميم وغيرها، بالتالي فالحركة الاقتصادية ستزدهر بشكل أكبر، فضلاً عن أن البنوك المحلية بحاجة لأن يكون لها دور أكبر في عملية الإقراض والتمويل، لتصبح ذات دور أكثر فاعلية في عملية التنمية الاقتصادية. وطرح الراشد خمس نقاط رأى من الأهمية النظر فيها وهي تحويل صندوق التنمية العقاري إلى بنك عقاري استثماري، تساهم الدولة بجزء كبير فيه، ويقوم بدور التمويل، لخدمة الفئات ذات الدخل المحدود، وأن يصل القرض المقدم للمواطنين إلى مليون ريال، ويعاد النظر في آلية التحصيل بما يضمن حقوق جميع الأطراف، وتحويل المخططات المملوكة للدولة، والمخصصة للمنح إلى القطاع الخاص لتطويرها أو يتم منحها كمجمعات سكنية، وتسهيل الإجراءات الحكومية، واختصارها في جهة واحدة معينة بالشأن العقاري، بحيث لا تتعثر الشركات المعنية بالتطوير العقاري في الحصول على التراخيص اللازمة، ولا يتعثر المواطن في الحصول على القرض، أو ترخيص للبناء، وكذلك الاستفادة من تجارب الدول الأخرى، وأيضاً الصرامة في تطبيق العقوبات في حال مخالفة الأنظمة الجديدة، سواء كانت من المستفيد من التمويل في حال التعثر في السداد، أو من المنفذ للمشاريع في حال التأخير في الإنجاز.
مخاوف من تسييل العقارات
من جانبه رأى نائب رئيس غرفة الرياض عبدالعزيز العجلان أن السوق كان ينقصه جوانب تأثر كثيرا بغيابها وأبرزها أنظمة التمويل العقاري وخصوصا نظام الرهن الذي سيساعد وجوده في توفير التدفق النقدي وبالتالي انتعاش حركة السوق خاصة فيما يتعلق بمجال وقال: مع الأسف الشديد لن تتمكن فئات عديدة تصنف تحت الطبقة المتوسطة لن تستطيع الاستفادة من هذا النظام في مجال تملك السكن. أما عن تقييمه للنظام، فرأى العجلان أنه لا يمكن للفرد مهما كانت خبرته في السوق العقاري أو السوق المالي أن يقيم منظومة من الأنظمة في كلمات معدودة لأن هذا يتطلب مجموعة من الأشخاص المتخصصين في الشأن العقاري ومجموعة أخرى متخصصين في المجال القانوني، ومن خلال لجنة مشتركة تضمهم سنحصل على تقييم واقعي.
وأضاف العجلان: كمؤشرات عامة نستطيع القول إن هناك إيجابيات عدة لهذا النظام كما أن هناك أيضاً شيئاً من السلبيات وما أخشاه أن يستغل النظام في تسييل عقارات موجودة أصلاً وانتقال هذه السيولة إلى مجالات أخرى قد تكون محفوفة بالمخاطر خصوصاً وأن البعض هم حديثي عهد بمثل هذه الأنظمة وسيكون الإغراء بوجود سيولة بين أيديهم بشكل سريع من خلال ما يملكون من عقارات ربما ستكون له عواقب على البعض من أفراد المجتمع. ومضى: كنت أتمنى أن نبدأ بنظام رهن عقاري يقتصر على الإسكان وما يتعلق ببناء المساكن ومن خلال التجربة نستطيع أن نقيم هذه التجربة بشكل واقعي ومن ثم الانتقال إلى نظام رهن عقاري موسع يشمل كل شيء.
تأخر تنفيذ الأحكام سيحد
من فعالية الأنظمة
وحول الجديد الذي ستضيفه أنظمة التمويل العقاري للبيئة القانونية في المملكة بوجه عام وللقطاع العقاري على وجه الخصوص، قال المستشار السابق لهيئة سوق المال إبراهيم الناصري: إن أهم ما ستضيفه الأنظمة يتمثل في نظام التنفيذ الصادر ضمن الأنظمة الخمس كونه سيضع آليات تنفيذ الأحكام بما يكفل سرعة وفعالية التنفيذ.
ومن المعلوم أن تنفيذ الأحكام في المملكة يواجه صعوبات ملموسة حالياً لعدم وجود مثل هذا النظام وأوضح أن التأخر في تنفيذ الأحكام أو تعطيلها يحد من فعالية الأنظمة ويضعف سيادة القانون. وأضاف الناصري: صدور نظام التنفيذ بصيغته المعلنة سيضع حلاً جوهرياً لهذا الجانب. أما ما ستضيفه أنظمة التمويل العقاري للقطاع فيشمل عدة جوانب من أهمها إزالة العقبات التي تحول بين البنوك وبين التوسع في تمويل العقار، أقصد السماح للبنوك بتملك العقار لغرض التمويل، الأمر الذي سيعفي البنوك من الالتفاف على الحظر الحالي عن طريق إنشاء شركات صورية أو اللجوء إلى تسجيل العقارات بأسماء أعضاء مجلس الإدارة وإضافة تكلفة المخاطرة على العميل، أو الإحجام عن التمويل العقاري، وتابع: تكمن روح أو فلسفة الأنظمة الجديدة في إيجاد آلية عملاقة متكاملة تسمح بانسياب الأموال نحو التطوير العقاري وإطلاق الأموال الهائلة التي تحتجزها الأصول العقارية وأخيراً تمكين الدولة من دعم تملك المواطنين لمساكنهم. وعن الخلفية التاريخية للرهن العقاري، قال الناصري: انطلقت فكرته بمفهومه الخاص خلال الكساد العظيم الذي خيم على الاقتصاد الأمريكي والعالمي في نهاية الثلث الأول من القرن العشرين. فقد أطلقت الحكومة الأمريكية حزمة من القوانين لتشجيع الاستثمار والاستهلاك من بينها نظام الرهن العقاري الذي تضمن إنشاء شركة حكومية تضمن قروض تمويل المساكن وتشتري ديونها، وتشجع المواطنين لاسيما محدودي الدخل على الاستفادة منها. ثم تطورت الفكرة وتعددت صورها حول العالم.
مرجعية لمعالجة
ثغرات القطاع
من جهته رأى الخبير العقاري الدكتور عبد الله المغلوث أن القطاع العقاري بشكل الراهن يعد بيئة استثمارية غير منظمة وغير مقننه وتعاني عدة تعقيدات أبرزها عدم وجود تسهيلات لبناء وامتلاك المسكن وغياب الآليات المساعدة على التسويق إضافة إلى إحجام البنوك عن التمويل بحجة عدم وجود آليات تحمي حقوقهم لتقديم قروض للمواطن والشركات وشح التمويل ومضاربة الأراضي وتكلفة الإنشاءات وقال: إن صدور أنظمة قوية وصارمة مرتبطة بجهات رسمية ستساعد على نجاح البيئة الاستثمارية العقارية وان مشروع أنظمة التمويل الجديدة ستقطع الطريق أمام الثغرات وضعف الإجراءات وستكون بمثابة المرجعية الصحيحة للقطاع حيث تكفل تلك الأنظمة حقوق كل الأطراف كما ستسهم في توسيع النشاط والسوق بشكل أكبر ومن إيجابيات الأنظمة أنها حددت جميع أشكال الفصل بالمنازعات في المحاكم التجارية مما جعل هناك آليات شفافة تحفظ لمالك العقار أو الممول حقه.
وأضاف المغلوث: جاء الآن دور القطاع الخاص في تنشيط حركة القطاع بعد الضمانات التي وفرتها هذه الأنظمة وذلك لمواجهة ومواكبة النمو السكاني المتزايد. وقال مدير التسويق في دويتشه الخليج للتمويل خالد الخضير بأن الأنظمة الجديدة بمثابة ضمانة حقيقية لأطراف عملية التمويل العقاري وهم الممول، المستفيد، الوسيط، مشيرا إلى أن تطبيق هذه الأنظمة سيغير الثقافة العقارية بالسوق السعودية بحيث يصبح المواطن متملكاً لمسكنه بدلاً من عملية الاستئجار.
وأوضح أن الأنظمة الجديدة ستسهم في سد الفجوة والعجز في احتياجات المملكة من الوحدات السكنية والتي تحتاج وفقا لأحدث التقارير إلى نحو مليون وحدة سكنية، مشيراً إلى أن الأنظمة الجديدة ستسهم في سد النقص الكبير في قطاع التطوير العقاري بالمملكة بحيث يتناسب مع طموحات التمويل المطروحة حاليا بالإضافة إلى تلبية احتياجات المواطنين لوحدات سكنية لتملكها.