هناك بعض الناس حينما ترى سحنات وجوههم وهيئاتهم تجزم بعدها أنهم يشبهون الطواويس شكلاً وحركةً وريشاً ولوناً، فنراهم يحيطون أنفسهم بهالة كبيرة من القدسية ويفرضون على الآخرين طقوساً تبجيلية تجاههم..
إنهم صور مغالية بالتوهم، تزاحم انعكاساتها الضوئية الفضفاضة الفضاء الكبير، إنهم متعطشون لتوازن ضوئي تشوبه الأحادية والفردية والأنانية ومخلفات الظلامية البائدة، لا ضير أن نرى أنفسنا كما نشاء بل من حق كل منا تضخيم ذاته وأطره حسبما يشاء ويريد، لكن الضير حين يزاحم هؤلاء بانتفاخاتهم وتضخماتهم الآخرين ويحجبون بظلالهم الثقيل نفاذ الضوء إليهم، ليس من حق هؤلاء الطاووسيون إذلال الآخرين وامتهانهم وفرض الآراء عليهم، لأن أنشطتهم وأساليبهم هذه ستؤدي بهم إلى حفر سحيقة مكفهرة لها لون الظلام ورائحة الموت، أن تبخترهم ببهرجة حركية ولغوية ومصطلحات ضيقة لا يفقهونها، حتماً ستفضي إلى كشف عوراتهم وسوءاتهم وستعريهم، لأنهم يمارسون الخراب والطوفان والطلامس والأعمال الغامضة وإلى محاولة إحداث تمازج في ألوان التقهقر بطريقة أقرب ما تكون إلى العنوان الذي له غموض الإيحاء، إنهم مجرد طفيليون خرجوا للضوء فجأة، لذا نرى أنهم لا يستطيعون أن يتحركوا أو ينسلّوا من بوتقاتهم الفوقية كانسلال الشعرة من العجين، إن البناء النفسي عندهم معجون من هوس وقلق وخلجات مضطربة كاضطراب أمواج البحر عندما تهاجمها رياح مدارية حامية، إن سباباتهم الوسطى لطالما ارتفعت بوجوه الناس حنقاً وبغضاً حتى إنهم يكادون أن يفقأوا عيونهم، لأنهم أطلقوا مارد التخلف والخرافة والانغلاق والتشتت، إنهم يتصورون أنفسهم الحراك الآمن للمجتمع، لكنهم لا يعرفون بأنهم مجرد وصلات كهربائية عارية الأسلاك، وبأنهم مجموعة مسحوقة يحاولون ترميم المتهدم من بنيانهم بغية ترجيح الكفة، إنهم سذج زجوا أنفسهم في حلبة استعراض العضلات المنتفخة ومن ثم انساقوا إلى ساحات بعيدة عن المنطق والفكر، وأحدثوا لهم معارك سلاحهم فيها الخشب والبلاستيك اللين الرقيق، إن على هؤلاء الطاووسيين المغفلين البدء في تصحيح مساراتهم التي سلكوها، والتوقف المباشر عن المتاجرة في مشاعر الآخرين، وفق توجهات ودوافع ومآرب فئوية وشخصية وتكتلات مزيفة، إن انفجاراتهم الصوتية الهستيرية وغضبهم ومحاولة كبح الآخرين يجب أن تتوقف ويجب أن تلجم بحجر عظيم، إن هؤلاء الطاووسيين ومافيات القهر والإذلال والتبختر والخيلاء والتكبر ما زالوا يمسكون العصا لجلد ظهور الناس، والأجدر بهم أن يلجأوا إلى أطباء نفسيين لمعالجتهم، عندها يمكن لكفتهم أن ترجح وأن يعودوا أسوياء.
ramadanalanezi@hotmail.com