عبدالله بن عبد العزيز تلك الشخصية الفذة التي أبهرت العالم، وجعلت الكثير من المنصفين يصفونه بالزعيم المؤثر على مستوى العالم، بما يتخذه من خطوات مباركة في سبيل رأب الصدع ومحاولة التقريب بين الثقافات العالمية ومحاورة الأديان، تلك الشخصية الفذة وبعد أن نفد صبرها مما يروج له بعض الباحثين عن الشهرة من إصدار بعض الفتاوى الشاذة أصدرت أمرها الكريم بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء. ذلك الأمر الكريم الذي ألجم من يتحين الفرص للبحث عن الشهرة بإصدار بعض الفتاوى الشاذة التي جعلت الكثير منهم مجالا للتندر والسخرية ليس على المستوى الوطني بل على مستوى العالم، فالشهرة لا تأتي بإثارة المتلقي بالبحث عن المتشابه من المفردات والبحث عن الأحاديث والأسانيد الضعيفة أو ما كان الخلاف فيه واضحا بين العلماء.
إن هذا الأمر الملكي الحكيم سيحد من التهاون بالفتوى ومن تضارب الأقوال التي تحدث الفوضى وتثير البلبلة في المجتمع، حيث إن ترك الأمر لكل من هب ودب بإصدار مثل تلك الفتاوى الشاذة يجعل المجتمع في حيرة من أمره ويصيب المرجعية الدينية في مقتل، فإن الناس إذا تركوا على هذا الحال فإنه سيأتي قوم يتهاونون ويتجرؤون أكثر فيحرمون الحلال ويحلون الحرام والعياذ بالله. وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما، اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا) لذا يجب على طلبة العلم عدم التسرع في الفتوى حيث كان هدي السلف الصالح - رحمهم الله - التشدد في أمر الفتوى، وان المرء يجب عليه أن يربأ بنفسه أن يعرض دينه وحسناته للخطر بذنب يحدثه في الأمة.
لقد أراحنا الملك العادل بهذا الأمر الكريم بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء أو من يفوضون بذلك وهم أهل لذلك ومصدر جلي لإصدار الفتوى الموثقة والمقبولة من الجميع، كما أنه وبهذا الأمر الكريم - حفظه الله - يجعل المجتمع يتلقى الفتوى من أربابها بعيدا عن المزايدات أو البحث عن الشهرة تلك الخطوة المباركة تقنن الفتوى وتخلي الساحة ممن يبحث عن المزايدات أو يتسلق على بعض الكلمات للبحث عن الشهرة، تلك الخطوة المباركة جعلت ممن يريد أن يضع المجتمع في حيرة من أمره ويشتت أفكاره يفكر ألف مرة ويعرف أنه سوف يحاسب وسيخضع لمحاكمة عادلة.
لقد قطع - حفظه الله - بهذا الأمر الكريم الطريق على كل من يتتبع الأقوال الشاذة ليقطع الصف على توحيد الكلمة والتشويش على العامة.. نعم أيها الملك العادل لقد أرحت المجتمع ممن يهرف بما لا يعرف، وجعلت المجتمع يتقبل الفتوى الصادرة من الجهة المرجعية بصدر رحب.. أخيراً تبقى مسؤولية هيئة كبار العلماء مضاعفة للقيام بتنفيذ أمر خادم الحرمين الشريفين وذلك بتفعيل الآلية المناسبة ونشر مكاتب موثقة للإفتاء في جميع مناطق المملكة لكي يصل كل باحث عن الفتوى إلى ضالته وبأيسر الطرق والله الهادي إلى سواء السبيل.