مات غازي القصيبي وانتقل إلى دنيا خير من دنياه، وسوف نلقاه عند كريم غفور إن شاء الله، لكنه سيبقى حياً معنا؛ فروحه المفعمة بالوطنية باقية في صدورنا من خلال فكره الإداري وشعره الوجداني وانتمائه وقصصه ومواقفه الوطنية والاجتماعية التي قرأناها وسمعناها وشاهدناها..
لن ينساه المسجد كأول مبتعث سعودي ساهم بإنشائه في أمريكا، ولا المعاق الذي تبرع براتبه له، ولا اليتيم الذي كفله ولا الموظف الذي أنصفه ولا سكة الحديد التي نزع البيرقراطية عنها، ولا البدوي في الصحراء الذي أوصل له الكهرباء، ولا ابنته سابك ولا المريض في الطوارئ ولا النادل في المطعم، ولن تنساه الفلسفات الإدارية المعاصرة ولا دواوين الشعر، ولا الكلمات المأثورة؛ فقد حل بهذه الدنيا محبا للوطن حتى وهو يتجهز للسفر منها إلى دنيا غير دنياه.
قدَّم للوطن مؤلفات أدبية وتوجيهات إدارية لتبقى شاهدة له، فغازي هو من أنشد للوطن ونثر الحروف حباً وانتماء لأرضه وحكامه وشعبه ليقف شامخاً أمام كل من يخدش حياء هذا الدين والوطن مقدما ولاءه له على ولاء العشيرة والأسرة والمال، في الأيام التي سبقت سفره ترجم كتاب المؤمن الصادق، ومن التجارب الشخصية ألف كتاب الزهيمر، ومن الشعر: سيدتي السبعون وقبلها الخمس والستون، كل هذا ثم سباقاً مع الزمن، ومات وهو يتمنى أن يفسر القرأن الكريم منطلقاً من تفسير الشيخ عبد الحمن السعدي.
أبا سهيل... أبا يارا لقيت وجه ربك وبقيت أحد معلقات هذا الوطن نستنير بها، وستبقى أمنياتك عالقة على حائط الذكريات تاركاً إرثاً ثقافياً وإدارياً سوف تتدارسه الأجيال للخروج بنظريات غازية أريجها حب الوطن، ولونها حب الحاكم والمحكوم، وستبقى استثاء..
لن تنسى صهوة جوادك سكة الحديد ووزارات الصناعة والكهرباء والصحة والماء والعمل وسفارتا لندن والبحرين.. جمعنا الله وإياك في دار رحمته.
DRDHOBAIB@HOT MAIL .COM