لعلّ من ملامح التطوير والتحديث الذي شهدته الإدارة بشكل عام هو الربط بين أدواتها المتعددة كالوظيفة العامة أو الخاصة والبيئة التي توجد بها الوظيفة، وذلك بما تضمه هذه البيئة من حضارة وثقافة وخصائص اقتصادية واجتماعية...
وذلك باعتبار أن الإدارة في أي بلد تعتبر هي المحرك الرئيس للأعمال والإنتاج عن طريق أنظمتها وأجهزتها وقواها العاملة.
فقدرة الإدارة على التعامل مع الأوضاع المحيطة بها إنما يتوقف على المركز الذي تمثله داخل الدولة إذا كانت إدارة حكومية أو مؤسسة العمل الرئيسية إذا كانت إدارة أهلية وتتخذ هذه العلاقة أربعة مستويات وهي:
- علاقة حميمة ومباشرة: كالتي بين الجهة الإدارية والحكومة، فالقرارات والتوجهات التي تصدر منها تتمشى مع أهداف وسياسة الحكومة، وهو أمر من دون شك غير مستغرب سواء في بلادنا أو غيرها، فالإدارة الحكومية إنما هي فرع أو جزء من الحكومة بل هي جهة التنفيذ للقرارات والأنظمة واللوائح الحكومية.
- علاقة وطيدة ولكنها غير مباشرة: ويتمثل ذلك في الشركات التي تساهم فيها الحكومة كشركة الغاز والتصنيع، وشركة النقل الجماعي، وشركة الصناعات الأساسية (سابك)، حيث تشترك الحكومة في ملكية هذه الشركات كما أنها ممثلة في مجالس إدارتها مما يعني وجود دور للحكومة في توجهات وقرارات هذا النوع من الشركات.
- علاقة مساندة ومساعدة: كما هو حال شركات الكهرباء في المملكة حيث تقوم الحكومة بتقديم مساعدة مالية لهذه الشركات ليس من أجل الهيمنة على قراراتها وإما من أجل أن تقوم بتقديم خدماتها للمواطنين بشكل جيد وهو أمر يعبر عن شعور بالمسؤولية تجاه هذه الخدمة الضرورية، فما دام أن الحكومة لم تقم بها بشكل مباشر فقد استشعرت ضرورة التأكد من قيام القطاع الأهلي بذلك حتى ولو بتقديم المساعدة المالية.
- علاقة بعيدة: كما هو شأن المشاريع الصناعية والتجارية التي يقوم بها القطاع الأهلي من دون تقاضي مساعدات مالية من الحكومة وذلك كالمصانع والمحلات التجارية والعقارية والخدمية ونحو ذلك، حيث تتمتع إدارة هذه المؤسسات بحرية كاملة واستقلالية في اتخاذ قراراتها وتوجهاتها.
وقد حدد خبراء الإدارة عناصر التشكيل الحضاري البيئي للمجتمع وهي:
- اللغة وأسلوب الاتصال ونوعية الملابس والمظهر العام والطعام وأنواعه وطرق إعداده وتقديمه.
- الوقت والإحساس بأهميته وطريقة التفكير والتعليم والنظر للأمور.
- العلاقات وأسلوب تكوينها والعناصر المؤسرة فيها كالسن والمركز الاجتماعي والحالة المالية.
- المعتقدات الدينية والمشاعر تجاه الآخرين والعواطف من حزن وفرح وحلم وغضب.
أما الخصائص الاجتماعية فهي:
- التمسك بأحكام الدين الإسلامي من سائر الشعب السعودي.
- الاعتزاز بالتراث والتقاليد كالمحافظة على الزي الوطني مع التطور الذي وصل إليه المجتمع.
- الاعتزاز بالمنجزات العلمية والاستفادة منها.
- التشبث بالوطن وعدم التفكير في تركه.
نخلص مما تقدم إلى أن هذه الخصائص تؤثر إيجابياً وسلبياً بطريقة أو بأخرى وبنسب متفاوتة حسب علاقة الخاصية بأي من التوجهات الإدارية، وحتى يكون التأثير الإيجابي هو الأغلب فإن الأمر يتطلب العمل على تطوير كثير من تلك العوامل ومن ذلك ما يلي:
- الترغيب في مجال التعليم الفني والحرفي لحاجة البلاد لهذه التخصصات.
- التشجيع على الالتحاق بالكليات العلمية للنقص الحاصل في هذا المجال.
- تعزيز الوطنية بما يقوي عناصر الولاء والإخلاص للوطن والقيادة والمواطنين.
- تشجيع التصنيع والزراعة بما يؤدي إلى خفض الاعتماد على الاستيراد من الخارج في كثير من المواد الاستهلاكية.
- تنويع مصادر الدخل الوطني بإيجاد روافد للبترول.
- استقطاب القطاع الأهلي للشباب السعودي بالتوظيف والتدريب.
- تفويض الصلاحيات وإصدار القرارات بما يحقق المزيد من المرونة واختصار الإجراءات وتوفير الجهود.
- الاستمرار في الأخذ بمبدأ الحرية الاقتصادية المتمشية مع تعاليم الشريعة الإسلامية ومع مبدأ الاقتصاد الحر المعاصر والذي تطبقه الدول المتقدمة والذي من شأنه عدم الإضرار بأطراف التعامل.
asunaidi@mcs.gov.sa