لله المثل الأعلى, فلئن كان الرب الرحيم يقبل المعذرة والاعتراف، فما بال الإنسان يصد عنهما..؟
ولئن غفر الله الكبيرة والصغيرة، وأخرج اليد بيضاء من غير سوء، وكشف الكرب عن المسيء، وتولى التائب بالإنابة، وثبت الضال بعد الهداية، فما بال الإنسان يمعن في الجفاء، والحقد، ولا يسهو عن زلل، ولا يتجاوز عن خطأ، ولا يطوي ما مضى بعد اعتذار، وتسامح وتقرب وتراحم..؟
ولئن جعل الله تعالى العبادة التي هي له تعالى والإحسان للوالدين في آية واحد عطف فيها الإحسان إلى العبادة، وأخرج من رحمته من يشرك به شيئا، ومن يعق والديه ..، فما بال الإنسان الذي يحرص على طاعة الله في العبادة لا يحرص على طاعته تعالى في الإحسان لوالديه..؟
ولئن كثر مقتا عند الله أن يقول المرء مالا يفعل، فلماذا كثر الكاذبون، وانتشر بين الناس التظاهر بمالا يفعلون في كثير من أمور الشرع والأخلاق والقيم..والطاعات..؟
ولئن حث العلم على الاجتهاد للفوز النهائي, فما بال من الناس أكثرهم يقصر اجتهاده في معارف الدنيا، ويركض وراءها، ويتقاعس عن الاجتهاد في بناء دار قابعة له هناك تنتظره يعمرها صدقا وعملا واجتهادا ورجاء..ليطيب فيها المقام..؟
ولئن شدا العصفور ترنما يسبح الذي خلقه في حرية وسلام..
فما بال الإنسان يكبله بين أعمدة حديد، ليلهو به تارة، ويمتع بصوته تارة، ويذهب لفراشه طليقا يتحرك أو لمساره متحررا من القيد بينما تضيق بالعصفور سياجاته ويلجم جناحاه..؟
ولئن أعطيت دون مقابل لأنك كريم..
وأخفيت دون تظاهر لأنك مؤثر..
وأخلصت بصدق دون تباه..
وآثرت بأريحية دون تفاخر..
فما بال الناس تتهمك بما ليس فيك؟
أي معنى عند الإنسان في الحقيقة الممارَسة للحرية والصدق والطاعة والوفاء والرضا والسلام..؟