حينما تنطلق المملكة العربية السعودية في مبادراتها الإغاثية السريعة لمساعدة المحتاجين والمتضررين في عالمنا الإسلامي، فهي إنما تفعل ذلك استجابة لما يدعوها إليه دين الإسلام العظيم من القيام بواجب الصدقة، والإغاثة والنصرة وإيماناً بأنّ العمل الإغاثي عمل جليل، وعبادة أجرها عند الله العظيم، وبركتها المعنوية والمادية على البلاد والعباد لا تخفى.
|
كنت أتابع ما قاله رئيس الهيئة الوطنية الباكستانية لإدارة الكوارث الجنرال نديم أحمد عن الدور السعودي المبادر منذ بداية المحنة الأخيرة «محنة السيول والفيضانات» في الباكستان، فشعرت بانشراح الصدر من حديثه المفصَّل عن هذه الإغاثة المباركة التي بدأت مع بداية الحادثة من خلال الجسر الجوي المتواصل لنقل المساعدات، في الوقت الذي تراخت فيه كثير من الدول، وتعالت فيه نداءات بعض القوى الدولية بعدم المشاركة الفعلية من هيئات الإغاثة الإسلامية في مساعدة إخوتنا المصابين في الباكستان.
|
لقد تحدث الجنرال نديم عن مساعدات سعودية جادة، ومشاركة مباشرة في المناطق المتضررة، ومشاعر فياضة يبديها المشاركون في تلك المساعدات من السعوديين، وأشار إلى أهمية الجانب المعنوي الكبرى لحوالي عشرين مليوناً من المتضررين في هذا الحادث الأليم.
|
إنّ حجم المصاب كبير، {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، فالقتلى قارب الألفين، وكذلك المصابون، وتهدَّم نحو سبعمئة وثلاثين ألف منزل، وأصاب التلف حوالي سبعمائة ألف هكتار من المحاصيل الزراعية مما يهدد أهم صادرات باكستان من القمح والأرز والذرة والقطن وقصب السكر بالنقص والتراجع، ومعنى ذلك أنّ حجم الإغاثة يجب أن يكون كبيراً ليتناسب مع حجم الضرر الذي حدث، وإذا كان التراخي في مباشرة الإغاثة قد حدث بصورة مؤسفة من حلف شمال الأطلسي، وكثير من الدول الغربية المستفيدة سياسياً وعسكرياً من باكستان، فإنّ المبادرة السعودية للإغاثة على مستوى الدولة والشعب كانت أنموذجاً متميزاً ولله الحمد.
|
وكانت حملة خادم الحرمين الشريفين لإغاثة الشعب الباكستاني التي أشرف عليها سمو النائب الثاني ووزير الداخلية الأمير نايف تتويجاً لهذه المبادرة الإغاثية، لأنها قدمت إغاثة معنوية مع ما قدمته من المال الذي بلغ 77 مليون ريال من أشخاص ومؤسسات وجهات شارك في تقديمها الملك وولي العهد والنائب الثاني ومجموعة من الأمراء والتجار وأعداد غفيرة من الشعب السعودي على اختلاف مستوياتهم، ثم كان تبرع خادم الحرمين الشريفين - جزاه الله خيراً - بثلاثمائة مليون ريال باسم الشعب السعودي، دليلاً أقوى على قيمة الإغاثة السعودية لإخوتنا في الباكستان.
|
نحمد الله سبحانه وتعالى أن جعلنا من أهل هذه الأعمال الخيّرة التي تعود بالخير العميم علينا في الدنيا بركة وأمناً واستقراراً، ودفعاً للشر، وبالأجر الوفير عند الله سبحانه وتعالى - كما نؤمِّل ذلك ونرجوه -.
|
لقد كان لي شرف المشاركة - إعلامياً - في حملات مباركات لدعم متضرِّري الحروب والحصار في البوسنة والهرسك، والعراق، وأفغانستان، وفلسطين في سنوات مضت، وكنا نلمس - ونحن نتواصل مع الناس - مدى الحرص الشديد على المشاركة المادية بحسب قدرة المتبرع، ويحدث أثناء الحملة من الطرائف ما يسرُّ القلب، ويدلُّ على تأصُّل روح العمل الخيري والبذل والصدقة في النفوس.
|
إنّ الصدقة مخلوفة في الدنيا، عظيمة الأجر في الآخرة، فالحمد لله الذي هدانا لهذه الأعمال الإغاثية الجليلة، وجزى الله الباذلين خيراً.
|
|
يا أرض أحلامي جفافُكِ راحلٌ |
فغداً سيغسل راحتيكِ سَحَابُ |
|