إن تسجيل حي الطريف بالدرعية ضمن قائمة التراث العالمي سلط الأضواء على المملكة، مؤكداً تعزيز القيمة التاريخية للجزيرة العربية كموطن قديم لحضارات بشرية متنوعة بعد أن أعلنت اليونسكو قبل عامين ضمَّ موقع مدائن صالح لقائمة التراث العالمي.. وليس بمستغرب ضم الدرعية للتراث العالمي، فقد شهدت أحداثاً إنسانية في أزمان وحقب تاريخية سحيقة، حيث احتلت الدرعية الصدارة على الطريق التجاري من شرق الجزيرة إلى غربها إضافة إلى تَحكُّمها في طريق الحج إلى مكة المكرمة .
وتعتبر الدرعية التاريخية واحة من واحات وادي حنيفة استقطبت الاستقرار الحضري منذ أقدم العصور، وتحتل منطقة انعطاف وادي حنيفة مكونة منطقة العوجاء الاسم التقليدي الذي عرفت به الدرعية. فيما تتميز الدرعية بالمظاهر الطبيعية الجميلة كالروافد والشعاب والأراضي الخصبة وكلها معالم خلابة من التراث البيئي الذي يرتبط بتجربة الإنسان الحضارية في الاستقرار والبناء والتعمير، ويظهر المنجز الحضري من الدور السكنية وأنظمة الري والقنوات والأنفاق والقرى الزراعية بالدرعية ومحيطها الجغرافي .
وبظهور دعوة الإصلاح في ربوعها- بعد أن احتضن حاكمها الإمام محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى دعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب - بدأت صفحة جديدة في تاريخ الدرعية، حيث أصبحت أقوى مدينة في بلاد نجد تحمل رسالة الإصلاح وتحقق الكثير من النجاحات، وقوي مركزها السياسي والعسكري والديني وتدفقت عليها الثروة، وتقاطر التجار على أسواقها وغدت منارة للعلم والتعليم، وتوافد عليها طلبة العلم من جميع الأقطار. واشتهر أئمة الدولة السعودية الأولى بالعلم والعدل والحزم والالتزام بالقيم الدينية والتمسك بروح العقيدة الإسلامية والعادات والتقاليد الحميدة، فاستتب الأمن وعاش الناس مطمئنين في حياتهم وآمنين على أرواحهم وأملاكهم وتجارتهم. وخضعت لنفوذ الدرعية معظم أجزاء جزيرة العرب .
(*) مدير عام مؤسسة الحنتوش للمقاولات والعقارات