ولد في الدرعية سنة 1121هـ وتلقى العلم على يدي مشايخ زمانه وجعل منزله ملتقى أهل العلم والصلاح
مواقفه:
هو من الذين تركوا أثراً لن ينسى في التوثيق بين الإمام محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب وهو أحد وجهاء وكبار الدرعية ومن أهل الثراء فيها، اشتهر رحمه الله بالصلاح والورع وحب أهل الخير وإكرام الضيف، كما اشتهر عنه إغاثة الملهوف، (ويكفيه أنه استضاف إمام دعوة التوحيد وناصره وآزره وفتح له قلبه وبيته وقال كلمته المشهورة: «على الرحب والسعة وما قدر الله يجري فلن تجد ضيما في هذه البلدة من اليوم»).
كان منزله أول منزل استولت عليه حملات إبراهيم باشا حيث إنه من الجهة المقابلة لقصور آل سعود (الطريق وغصيبة) فقد نصبت المدافع على أسوار منزل ابن سويلم بعد الاستيلاء عليه سنة 1232هـ، ففي داره التي احتضنت دعوة التوحيد في بداياتها وموقفه النبيل الشهم من الإمام محمد بن عبدالوهاب فلقد خرج الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله مطروداً من العيينة من قبل أميرها ابن معمر فقرر الذهاب إلى الدرعية وكان معه حارس من قبل ابن معمر ودخل الدرعية فتذكر واحدا من طلبته هو محمد بن سويلم الذي أشار إليه بالنزول عند عمه عبدالله بن عبدالرحمن بن سويلم فنزل في ضيافته وأحسن إكرامه وهو لا يعلم عن رأي الأمير محمد بن سعود فيه، فضاقت فيه الأرض بما رحبت وللضيف الكرامة ومن العار الاعتذار إليه، على أن المروءة قالت كلمتها، ولتكن إرادة الله، (أهلا وسهلا وعلى الرحب والسعة) وكأن الشيخ أحس بحرج مركز مضيفه فوعظه وطمأنه وهون عليه الأمر، وسرعان ما زاره كبار أهل الدرعية لأن منزل ابن سويلم كان بمثابة منتدى لهم وفيهم بعض أفراد آل سعود وسمعوا وعظ الشيخ فمالت قلوبهم إليه وكانوا يحضرون دروسه في العيينة، ولكنهم هابوا الأمير محمد وهم لم يعرفوا غايته بعد، فاستعانوا عليه بأخويه ثنيان ومشاري.
فقد قاما بإطلاع زوجة الأمير على حقيقة الأمر وطلبا مساعدتها وكانت ذات عقل راجح ومعرفة ودين، ففاتحت الأمير بالأمر وقالت هذا الرجل قد ساقه الله إليك غنيمة، فاغتنم الفرصة التي أضاعها جارك ابن معمر فتأثر الأمير بكلامها وكلام أخويه وانصاع إلى رأيهم فقالوا له: سر إليه بموكبك وأظهر له الإجلال والتكريم فإن ذلك يكون أوقع في نفسه وتعظم منزلته في نفوس الناس، فمشى الأمير بموكبه إلى بيت عبدالله بن سويلم للسلام على الشيخ، وقال له وهو يعانقه ويرحب به (ابشر ببلاد خيرا من بلادك)، فكان جواب الشيخ (ابشر بالعز والتمكين والنصر المبين وهذه كلمة التوحيد من تمسك بها وعمل بها نصره الله وملك بها العباد والبلاد وأنت ترى نجدا كلها أطبقت على الشرك والجهل والفرقة والقتال والاختلاف، فأرجو من الله أن تكون إماما يجتمع عليه المسلمون وذريتك من بعدك). وكان ميثاق الدرعية في ذلك اليوم المبارك في بيت عبدالله بن عبدالرحمن بن سويلم تصافحت كفان، وفي ذلك التصافح انعقدت الرابطة القوية بعروتها الوثقى وحبلها المتين ووضع حجر الأساس لدولة التوحيد التي ساست بلاد العرب مرتين وهي لا تزال متينة قوية يحق لها أن تعد حامية للإسلام والعرب.
يا لها من بيعة شرطها الأساسي دوامها، فقد قال محمد بن سعود: نخشى إن فتح الله علينا أن تؤثر غيرنا من البلدان، فكانت المصافحة على أن الدم بالدم والهدم (ميثاق الدرعية)، وتعاهد المحمدان على تأييد دين الله ورسوله والجهاد في سبيله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإزالة المنكرات والبدع والشركيات وما يخالف التوحيد.
تمت البيعة فنهض الشيخ داخلا البلد ونزل عند الإمام محمد بن سعود وأقام يعلم الناس أمور دينهم ويوضح لهم ما اشتبه عليهم فأصبحت الدرعية مركز إشعاع وقد تطهرت من جميع المنكرات وتقاطر الناس إليها من كل صوب وحدب ومن ذلك اليوم أخذت تزداد في النمو السريع المدهش حتى صارت في أقرب وقت أكبر مدينة في جزيرة العرب، والحمد لله رب العالمين.
واستمرت العلاقة بين الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن والإمام محمد بن عبدالوهاب بعد توطيد الأمن واستمرت الفتوحات وكان الإمام محمد بن عبدالوهاب يراسل الشيخ عبدالله بن سويلم كلما صار حدث أو تطورات في امتداد الدعوة وزادت هذه الرسائل عن ثماني عشرة رسالة. (1)
دور موضي بنت محمد بن سويلم في تحفيز الإمام محمد بن سعود لمقابلة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وتحالفه مع محمد بن سعود:
*اتفاق الدرعية (ميثاق الدرعية في بيت بن سويلم):
يروي ابن بشر في تاريخه أن الشيخ أخرج من العيينة طريداً، وكان سبب إخراجه من العيينة هو أن ابن معمر أمير العيينة خاف من حاكم الأحساء أن يقطع عنه المعونة، فأخرج الشيخ من العيينة فتوجه إلى الدرعية وقد افتقد كل حظ من حظوظه الدنيوية المباحة؛ افتقد ثقة الأمير وثقة الناس من حوله به وبما يدعو إليه، وافتقد المسكن والمكانة وجميع الحظوظ النفسية والغايات الدنيوية، ومشى وحيداً أعزل من أي سلاح ليس بيده إلا مروحة من خوص النخيل.
لقد سار من العيينة إلى الدرعية ووصل إلى الدرعية وقت العصر وكان ذلك في سنة 1160هـ يمشي راجلاً ليس معه أحد في غاية الحر في فصل الصيف لا يلتفت عن طريقه ويلهج بقول القرآن ?وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ? ويلهج بالتسبيح. فلما وصل الدرعية استعرض في ذاكرته معارفه وأصدقاءه فيها، فيقع اختياره على عبدالله بن عبدالرحمن آل سويلم العريني فينزل في ضيافته والشيخ قد سبقته أخباره، وقد لا تكون الدرعية أحسن حالاً من جاراتها، وابن سويلم وإن كان من محبي الشيخ ولكنه لا يعلم عن رأي الأمير محمد بن سعود فيه، ولمحمد بن سعود كلمته وهيبته، فضاقت على ابن سويلم الأرض بما رحبت وللضيف الكرامة، ومن العار الاعتذار إليه، فماذا يصنع؟ (2)
الحق أن مركز ابن سويلم كان دقيقاً جداً، لأن ضيفه طريد السياسة والحكومات، وقد يلاقي من صاحب الدرعية ما لاقاه من غيره، فمن يستطيع أن يؤويه، على أن المروءة قالت كلمتها الأخيرة ولتكن إرادة الله: أهلاً وسهلاً على الرحب والسعة، وكأن الشيخ أحس بحرج مركز ضيفه فوعظه، وهوّن عليه أمور الدنيا الفانية فوعظه الشيخ وأسكن جأشه وقال: سيجعل الله لنا ولك فرجاً ومخرجاً، وسرعان ما زاره كبار أهل الدرعية، لأن مجلس ابن سويلم كان بمثابة منتدى لهم، وفيهم بعض أفراد العائلة المالكة، فسمعوا وعظ الشيخ وإرشاده، ومالت قلوبهم إليه ولكنهم هابوا الأمير محمداً وهم لم يعرفوا غايته بعد، فاستعانوا عليه بأخويه ثنيان ومشاري، وهما أطلعا زوجته على جلية الأمر وطلبا مساعدتهما، وكانت ذات عقل راجح ومعرفة ودين، والنساء متدينات بفطرتهن.
هي خديجة عصرها، فاتجه الأمير بالأمر وقالت له: إن هذا الرجل ساقه الله إليك غنيمة، فاغتنم الفرصة التي أضاعها جارك، وكأنها أحست بشعورها النسائي -وللنساء إحساس غريب يكاد يخترق الحجب- ما سيكون لزوجها من عظمة ومجد.
فقالت له: هذا الرجل ساقه الله إليك وهو غنيمة فاغتنم ما خصك الله به، فتأثر الأمير بكلامها وكلام أخويه، وانصاع إلى رأيهم، فقالوا له: سر إليه بموكبك وأظهر له الإجلال والتكريم فإن ذلك يكون أوقع في نفسه وتعظم منزلته في نفوس الناس، فمشى الأمير بموكبه إلى بيت عبدالله آل سويلم للسلام على الشيخ، وقال له يعانقه ويرحب به: ابشر ببلاد خيرا من بلادك وأبشر بالعزة والمنعة، فكان جواب الشيخ (ابشر بالعز والتمكين وهذه كلمة لا إله إلا الله من تمسك بها وعمل بها ونصرها، ملك بها البلاد والعباد، وهي كلمة التوحيد وأول ما دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم وأنت ترى نجدا وأقطارها أطبقت على الشرك والجهل والفرقة والجور وقتال بعضهم بعضا؛ فأرجو أن تكون إماماً يجتمع عليه المسلمون وذريتك من بعدك).
****
( 1 ) الرسائل الشخصية للإمام محمد بن عبد الوهاب. وكان يعنونها إلى عبدالله بن عبدالرحمن بن سويلم ومطاوعة الدرعية.
( 2 ) من كتاب الخبر والعيان في تاريخ نجد، خالد الفرج 1316هـ