مثلما انتهجت الدول سياسة التنمية المستدامة، اتسعت أعمال وآفاق الريع المستدام، وهو النهج الذي أخذ به الاقتصاد الإسلامي، وخاصة في تنمية أموال وممتلكات الفقراء والمحتاجين، وكل ما يقع تحت وصاية وكفالة بيت مال المسلمين، ومن أجل إدام الريع ومواصلة الصرف على فقراء المسلمين، انتهج المسلمون أسلوب الوقف الإسلامي الذي ينمي المال ويزيد من قيمة ما يوقف لخدمة المحتاجين.
هذا الأسلوب الناجح لتنمية الأصول لخدمة الأعمال الخيرية، بدأ يعود ليصبح نهجاً لكل من يسعى إلى تنمية الريع المستدام دون تآكل الأصول، فأخذت المؤسسات والجمعيات والجامعات وحتى الدول تخصص أوقافاً تدر ريعاً يخدم الأهداف التي من أجلها أنشئ ذلك الوقف.
والمملكة تخوض معركة لاستئصال الفقر، وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز واضحة، ومتابعته مستمرة، ومبادراته في تقديم المساعدات للمحتاجين وأصحاب الدخل المحدود مستمرة، وهذه المبادرات لقيت الشكر والثناء والدعاء من جميع المستحقين والمستفيدين، وما صرف يقدر بمليارات الريالات، فمواجهة الفقر وتلبية حاجات المستحقين تحتاج إلى أموال ودعم مستمر، وهنا يجب التفكير بوجوب توفير ريع مستديم، ولقد استرعى انتباهي إعلان مصلحة الزكاة والدخل بأنها قامت بتحويل 27.6 مليار ريال خلال خمس سنوات إلى الضمان الاجتماعي، وهو مبلغ كبير وكبير جداً لابد وأن الضمان الاجتماعي قد استفاد منه لتنفيذ برامجه في دعم المحتاجين، إلا أن المبلغ ومهما بلغ حجمه لابد وأن يتآكل أو يصرف كله، وقد يأتي عام ولا يجد الضمان الاجتماعي أموالا تلبي حاجاته، فلماذا لا يقام وقف لمحاربة الفقر تكون نواته دفعات مصلحة الزكاة والدخل وتبرعات المحسنين القادرين، تقام من أمواله منشآت ومبان تستثمر لتكون دخلا مستداما وريعا متواصلا يسند الضمان الاجتماعي في تحقيق أهدافه وتنفيذ برامجه ويجعل من عملية مواجهة الفقر عملية يتشارك فيها الجميع ويتم استثمار الأموال وما تدره يصرف على المحتاجين.
jaser@al-jazirah.com.sa