Al Jazirah NewsPaper Monday  23/08/2010 G Issue 13843
الأثنين 13 رمضان 1431   العدد  13843
 

ربيع الكلمة
أي غازي نرثي؟!
لبنى الخميس

 

لم تكن إنساناً عادياً حتى يكون رحيلك عادياً.. ولم تكن شخصية مألوفة ومتكررة حتى يكون إعجابنا بك كذلك.. بل كنت وستبقى الاستثناء المدهش في كل شيء.

لست من الجيل الذي عاصر نجومية وإنجازات غازي في وزارته ومناصبه، ولكنني قرأته في كتبه وأشعاره ورواياته وحضوره القوي والآسر في أذهان وذكريات الأجيال الماضية.. الأجيال التي تنظر له بكثير من الإعجاب والانبهار والحب.

حاصرتنا نجوميته واسمه.. فهو الحاضر في الأدب والشعر والإدارة والدبلوماسية والسياسة ودائرة صنع القرار، فأحببناه وأردنا أن نغرق في عالمه وننعم بمزيد من الدهشة والإبداع، فوجدنا أننا أمام مجموعة رجال غزاة متعددي المواهب والقدرات باسم واحد ورجل واحد عملاق وشاهق هو (غازي).

فأي غازي نرثي اليوم.. وكم سنفقد ويفقد الوطن منك يا ترى؟!

خسارتنا فادحة ومصابنا أليم.. فمازلت الصحف والأقلام والدموع تنزف بحرارة على رحيلك ومابرحت القلوب تضج حزنا من مرارة فقدك وأي فقد؟؟

الجميل في كل ما يكتب أن لغازي موقفاً نبيلاً ومشرفاً مع غالبية محبيه، لمساته الشخصية وأياديه البيضاء، وبصماته المشرفة مطبوعة في كل ذكريات وقلوب وعقول الكثيرين.

فهذه الموهبة الفذة والنبوغ الواضح جعلت منه شخصية استثنائية وظاهرة تحدث كل ألف عام مرة.. فقد تنجب المملكة أديباً مثل غازي أو سياسياً مثل غازي أو إدارياً مثل غازي ولكنها لن تنجب أديبا وشاعرا ودبلوماسيا وصانع قرار في رجل واحد وظاهرة نادرة وقصة رائعة وخالدة عنوانها غازي القصيبي.

فنبوغه الذي بدأ بالتوقد والظهور في مراهقته وجعل الأساتذة يتنبؤون له بمستقبل واعد، فبشرت كتاباته وأشعاره وفروسية كلماته الملفتة للنظر بولادة شاعر متمكن لا يتوقف عن النمو والتألق وساهم تعليمه الأكاديمي في الخارج بصقل موهبته وقدراته الإدارية وتهيئة رجل قادر على القيادة والريادة في مجال الإصلاح والتنمية.

و فعلا نجاحات وتوفيق كبير من الله لازمه في مناصب متعددة.. هي أمانة ومسؤولية عظيمة كان هو أهل لحملها والتميز فيها فكسب ثقة القيادة التي ثمنت جهوده ومواهبه ونال إعجاب وثقة الملوك ملك بعد ملك.. فكان الوزير الملثم حيناً والقائد النشيط والمتفاعل مع كل الشكاوى والانتقادات أحياناً أخرى، ولا شك الشخصية الكاريزمية التي أسرت الوطن والمواطن وأهل الصحافة والأدب بتفردها وندرة حدوثها.

فأي رجل كنت يا غازي؟! وكم رجلا خسرنا حين فقدناك؟!

قد يختلف الجميع حولك بين مؤيد ومعارض ولكن لا أحد يستطيع أن يتجاهلك في حياتك أو بعد رحيلك.. فاسمك يحيط بالمملكة ومرحلة نموها من كل جانب، ولن نوفيك حقك لو سمينا شارعا أو قاعة باسمك بل نتقدم بطلب لمن بيده الأمر أن تدرس سيرتك العطرة الطلاب في المدارس، وتروى أشعارك في الوطن والعروبة والمرأة لهم وتسرد قصصك وبطولاتك وصولاتك وجولاتك ومواقفك في خدمة الوطن للتلاميذ.. نريد أن يعرف كل طالب أن من طلب العلا سهر الليالي، وأن الله يهب كل طائر رزقه ولكنه لا يضعه له في العش، أن حب الوطن يعني التضحية والصمود والعمل والعرق من أجله وتلك هي سيرة غازي التي يجب أن تكون ضمن سير العظماء الكبار الذين سخرهم الله للأمة ليكونوا قادة يحملون لواء الإصلاح والتنمية والتقدم، وتكون سيرهم نوراً وضوءً وإلهاماً يؤكد أنه إذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام.. فجزاك الله يا غازي عن كل ما فعلت من أجل الوطن والأمة كل الخير وجعل ما قمت به من أعمالٍ جليلة ومباركة في ميزان حسناتك وألهم أهلك ومحبيك الكثر الصبر والسلوان على فقدك إنه جواد كريم.

نبض الضمير:

هو الموت ما منه ملاذ ومهرب

متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد