Al Jazirah NewsPaper Monday  23/08/2010 G Issue 13843
الأثنين 13 رمضان 1431   العدد  13843
 

رسالة عاجلة إلى معالي وزير العمل الجديد!
رمضان جريدي العنزي

 

هذه المرة سأكون من أوائل من يكتبون إليك بشكل عاجل وبلا تردُّد أو حيرة، ولتعلم يقيناً يا معالي وزير العمل الجديد بأنّ ما سأقوله لك وما سأزوّدك به صحيح تماماً، واعلم في البدء بأنني

لست خبيثاً ماكراً، ولا ثعلباً مراوغاً، ولا طاووساً مغروراً، ولا أفكر في منفعتي الشخصية بقدر ما أفكر في المنفعة العامة، وأنشد الكمال والعلو لوطني في كل شيء، وأدافع عنه في المحافل الداخلية والخارجية دون انتظار مكافأة أو رجاء عطاء، بل أخبرك أيضاً يا معالي وزير العمل الجديد أنّ عندي رغبات مؤجّلة وأفكاراً مفعمة بالأمل وبالحياة، وأجيد إيقاع الكتابة بعيداً عن السوداوية في الطرح، وأنني مهووس بحب وطني حتى النخاع، أحمله معي أينما توجهت عبر الجهات الأربع حين شروق الشمس وحين غروبها، ولا يضيرني أن أقول ذلك بل أتباهى به وأعتز، أؤمن أيضاً بأنّ الأهداف والقضايا التي أتبنّاها لابد وأن تكون واقعاً يستند إلى رغبات الناس وتطلعاتهم، معالي وزير العمل الجديد، أعلم أنك سوف تمشي على أرضية غير مستوية وغير معبّدة، وستمر بكهوف توحي بالرعب وبالأصوات المخيفة، وأعرف أنّ رأسك سيكون مثقلاً بالهموم وبالشجون، وأعرف أن داخلك سيكون مسكوناً بهموم كالجبال سيئنّ من هول حملها جسدك، وأعرف أنك سوف تنام وتحلم بأشياء كثيرة وكبيرة، الكثير منها مزعج والقليل الآخر منها يدعو إلى الطمأنينة، وأعرف أنك ستواجه فلسفات خاصة، ومفاهيم خاصة، مختلفة ومميّزة، وأعرف أنك ستجد أشياء معقّدة وغير بسيطة، وستتعامل مع وجوه كثيرة لها متناقضات ومتضادات بائنة وواضحة تحاول أن تمشط لك شعر الليل وتضفر لك جدائل الشمس في آن واحد؟!، لكن يجب أن تكون لك قدرة هائلة على الصبر والتصميم في مجابهة هؤلاء، وأن تكون لك روح غير متعبة، وأن تكون لك خصلة ضوء متقد لا تنطفئ، لا تزمجر ولا تكن عنيفاً ويجب أن يكون لك حضور يسكن العظم والجلد والدم، معالي وزير العمل الجديد، إنني أعي جيداً ما أقوله دون كذب ودون زيف ودون نفاق ودون رياء ودون دجل، ستصطدم بالكثير من بعض الشركات والمؤسسات والأفراد الذين سيمارسون عليك أبشع أنواع الازدواجية والكذب والتقية.. لا لمصلحة الوطن العليا بل من أجل مصالحهم ومنافعهم الشخصية فقط، إنّ من واجبي يا معالي وزير العمل الجديد أن أضعكم في قلب الحقيقة وكبدها، وأقول لكم وبتجلٍ واضح وبعيداً التزلُّف، إنّ بعض هذه الشركات والمؤسسات والأفراد يملكون معول الهدم في محاولة لاقتلاع السعودة الحقيقية من جذورها، ووأدها ودفنها في أودية سحيقة دون كلل ودون ملل ودون وجل، ولا يريدون أن يعوا بأنّ السعودة قضية وطنية غير قابلة للحوار، إنّ بعض القائمين على بعض هذه المنشآت يا معالي وزير العمل الجديد يسعون جاهدين إلى توطين (غير السعودي) على حساب (السعودي) بكل امتياز؟؟!! لا تتفاجأ سترى لاحقاً حقيقة كلامي هذا وستعجب، وسترى أيضاً أنّ بعض هذه المنشآت والقائمين عليها، يعطون ويمنحون البرامج التدريبية والبرامج التأهيلية بالقدر الكافي للفرد غير السعودي دون السعودي، وأن السعودي عندهم مجرّد رقم زائد في عملية التوظيف (خوش وطنية)؟!، إنّ المحرك الأساسي لمقالتي هذه يا معالي وزير العمل الجديد هو وجوب مراجعة استراتيجية السعودة المعمول بها حالياً، وبعبارة أخرى تشكيل نظام وقانون سعودة جدِّي وجديد، يخدم الأهداف الوطنية والقومية الآنية والمستقبيلة بشكل فوري وحاسم ودون تأنٍّ أو تردُّد أو مجاملة لأحد، إنّ قهر حدود التحدي بحثاً وتنقيباً وإضاءة بقوة، حتماً سيمهد لإبداعات في مجال السعودة مفعمة بالبقاء وبالخلود. إنّ ما دعاني يا معالي وزير العمل الجديد للكتابة إليكم فور توليكم المنصب الجديد، هو لفت نظركم لهذه القضية الشائكة منذ أمد طويل، ولأنّ هناك في القلب جمرة مشتعلة منذ وقت طويل هاهو لهيبها يخرج إليك لكنه حتماً سيكون برداً وسلاماً على قلبك وسمعك، إنها نفثات قلبي إلى قلبكم ولألقي عليك تحيتي وسلامي ولأني كما قال الشاعر:

(قلوب العاشقين لها عيون

ترى ما لا يراه الناظرونا)

أو كما قال:

(تمنت سليمى أن نموت بحبها

وأسهل شيء عندها ما تمنت)

وبالعبارة الأخيرة لا أدري هل تتعرّض بضاعة كلامي هذا للبوار وللكساد، أم أنّ بين ثناياه ما يستفز معاليكم ويستنهضه، دعائي لك بأن يعينك الله ويساعدك على العمل في إزاحة جميع العوالق في طريق السعودة الحقيقية والسليمة، وأن تمنحونا الخير والطمأنينة كي نستريح وتقرّ أعيننا، ولنتذكّر جميعاً يا معالي وزير العمل الجديد بأنّ هناك طوابير طويلة جداً جداً من الشباب المتخرجين من الداخل الباحث عن العمل وطوابير طويلة جداً جداً من المتخرجين الذين سيقدمون من الخارج لاحقاً والذين سيبحثون عن عمل، فما نحن صانعون لكل هؤلاء وهؤلاء قبل أن يحل علينا غضبهم؟؟.

ramadanalanezi@yahoo.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد