Al Jazirah NewsPaper Monday  23/08/2010 G Issue 13843
الأثنين 13 رمضان 1431   العدد  13843
 
بين الكلمات
المستقبل لهذا الوطن..
عبد العزيز السماري

 

قد لا يختلف اثنان أن وطننا العزيز يتمتع بمواصفات التفوق، والتي تجتمع فيه الثروة الطبيعية والانفجار السكاني والتنوع الجغرافي والسواحل الطويلة، كذلك يتميز بعمق التاريخ، والذي يمتد إلى جذور الحضارة العربية والإرث الإسلامي العظيم.. كذلك توجد نوايا وخطوات تسعى لإيصال هذا الوطن إلى قمة المجد والرخاء، لكن هناك من يشعر بالحذر والخوف على مستقبل الوطن الكبير، والذي لا زال يخبّئ الكثير لأبنائه في المستقبل، وما تم إنجازه خلال السنوات الأخيرة يستحق الإشادة، لكن هدف الإنجاز قد لا يكفي، إذ أولاً لا بد من المحافظة عليه، ثم المطالبة باستمرارية البناء الإنساني والعمراني، ووطن المستقبل هو الوطن الذي لا تتوقف فيه الحركة، لكن تستمر من أجل أن يكون المستقبل لهذا الوطن.

يعاني العالم العربي من آثار هجرة العقول إلى الغرب، ويعود السبب إلى الفشل الإداري وفشل خطط التنمية، وضعف سوق العمل، مما أدى إلى تجهيز خطط بديلة للمواطنين للهرب من الأوطان إلى وطن آخر في العالم الأول، ويكون ذلك من خلال الحصول على جنسية غربية أو إقامة طويلة الأجل في إحدى الدول الأوروبية أو الولايات المتحدة الأمريكية.

لا يحتاج التنظيم الإداري إلى معجزة إلهية من أجل الخروج من القفص البيروقراطي، ولكن إلى شجاعه وآلية إدارية متطورة، تحفظ للوطن وتضمن له المستقبل الآمن، لذلك يجب فتح الحوار في كيفية تطوير التنظيم الإداري داخل أسوار الوطن، فما يحدث من جمود وبيروقراطية هو ضد مستقبل الوطن، وقد يصعب من مهمة القيادة من أجل دفع عجلة التنمية..

تقدر مقدرات الإنفاق على خطة التنمية التاسعه ب1.5 ترليون ريال، وهو رقم خيالي، ويعكس مدى اهتمام القيادة بالمستقبل هذا الوطن، لكن في نفس الوقت يدعو للقلق، إذ يحتاج مثل هذا الإنفاق إلى تنظيم إداري على الحفاظ على الثروة العظيمة، والملاحظ أننا نستقدم أحدث الإعدادات الفنية للمشاريع التعليمية والصحية والصناعية، لكن دائماً ما نخفق في تطوير التنظيم الإداري، وذلك من أجل ضمان استمرار نجاحها في المستقبل.

التحدي الأكبر أن نكون قادرين على تشخيص الصعاب التي تقف عثرة وعائق ضد نجاح خطط التنمية المستديمة الحالية، فحجم الإنفاق الوطني في التنمية تجاوز كل المعدلات السابقة، وتجاوز أيضاً المركز إلى الأطراف، لكن ذلك قد يزيد من صعوبة المهمة ما لم يتم تطوير أيضاً أنظمة المراقبة والمتابعة في برامج تنفيذ هذه المشاريع العملاقة، وذلك من أجل ضمان نجاح هذه الخطوات الرائدة على أرض الوطن.

هناك أيضاً مستلزمات وأساسيات لا يمكن غض النظر عنها، أو التقليل من ضرورة مواكبتها لمراحل بناء وطن للمستقل ولوطن أكثر مناعة ضد قيم الماضي وسلبياته، إذ لا يمكن إغفال إنجازات وخبرات الدول المتقدمة في هذا الشأن، فالنجاح الأكمل لهذه الحركة التنموية القوية لا بد أن تحميها أنظمة ووسائل إدارية متقدمة وشفافة، والفرص قد لا تعود مرة أخرى، ونحن ربما في أحد آخر هذه الفرص، فالطفرة الحالية استثنائية وتاريخية، وقد تكون الأمل الأخير في إخراج بذور العصبية والجهل والفرقة والانشقاق والأنانية والفئوية إلى الأبد من تراب هذا الوطن الكبير.

تكمن العقبة الأهم في مستقبل الوطن في تبعات المركزية المطلقة، والتي أدت إلى تكدس إدارات منتهية الصلاحية في بعض المؤسسات الإدارية، والتي قد تكون أحد أسباب الشلل البيروقراطي الحالي، وتعطيل أو تأخير تنفيذ المشاريع، ولا زال الأمل في أن يتم توزيع المهام الإدارية على المناطق المختلفة، وأن يكون أمير المنطقة ومجلسها مسؤولين عن مراقبة تنفيذ المشاريع واستلامها، على أن يتم انتخاب أعضاء المجلس، وبذلك تتخلص المناطق من مركزية الوزارات، والتي من المفترض أن تتفرغ لإعداد الخطط الإستراتيجية، ومراقبة جودة تطبيقها وتنفيذها على أرض الواقع.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد