بعد مشاهدتي لأول مباراة للهلال هذا الموسم وكانت أمام فالنسيا الإسباني في المعسكر الإعدادي لاحظت تغيّراً كبيراً في أداء الهلال وطريقة اللعب وطبعاً نحو الأسوأ، لكنني فضّلت الانتظار وعدم التعجّل والحكم من مباراة واحدة.. ولذلك انتظرت حتى نهاية بطولة النخبة بالخسارة أمام الشباب الذي أكمل المباراة بعشرة لاعبين.. وهي الخسارة التي جاءت عن طريق ضربات الترجيح أو ضربات الحظ.. وطبعاً الحديث هنا لن يكون له علاقة بالخسارة وإنما بطريقة اللعب والشكل الذي ظهر به بطل الدوري في مبارياته الإعدادية.. حيث فقد الفريق كل ما حققه خلال الموسم الماضي من أداء جماعي رائع وطريقة لعب هجومية وسرعة في نقل الكرة وغزارة في الأهداف والفرص المهدرة في كل مبارياته.. حتى إنني كتبت في الموسم الماضي أن مباريات الهلال أصبحت بمثابة الوجبة الدسمة التي تحمل كل فنون كرة القدم والمتعة الهجومية والكرة الحديثة، وقلت وقتها إن جيرتس قدَّم فريقاً مدهشاً يلعب كرة عصرية هجومية لا يضاهيه فيها سوى برشلونة الإسباني (طبعاً مع الفارق) في إشارة إلى مدى ما وصل إليه الفريق الأزرق من مستوى عال وقدرة على الوصول لشباك الخصوم والتسجيل.
حتى إنه لم يتوقف عن التسجيل في كل مبارياته باستثناء مباراة واحدة كانت أمام السد القطري بالرياض في البطولة الآسيوية.. هذه الوضعية هي التي جعلت جميع الهلاليين والرياضيين عموماً يقفون احتراماً للسيد جيرتس وللعمل الذي قدَّمه مع الزعيم.. وهي التي جعلت الإدارة الهلالية تصر على بقاء جيرتس ليقود الفريق في البطولة الآسيوية رغم عدم رغبته في ذلك وقبوله على مضض.
لكن أين كل ذلك من أداء الفريق رغم توفر جميع عناصر نجاح الموسم الماضي..؟! الإجابة تكمن في العودة للمباريات التي لعبها الهلال أمام كل من فالنسيا، كولن، الوداد المغربي، سانتوس البرازيلي، بولونيا الإيطالي وأخيراً الشباب السعودي، وقبل ذلك كله شوارتيا الروماني، حيث لم يسجّل الفريق في سبع مباريات سوى ثلاثة أهداف أحدها من ضربة جزاء (أمام الوداد) فهل هذا هو الهلال الذي ينشده الهلاليون من جيرتس.. الجواب لا لأن طريقة العمل التي يقدّمها المدرب هي طريقة الخروج المشرّف؛ بمعنى الخروج مبكراً دون أن يُلام المدرب (وهذا هو الأهم) أو اللاعبون أو الإدارة، حيث السيطرة على الكرة والحرص على عدم الخسارة وقتل كل الأداء الهجومي الذي شاهدناه الموسم الماضي.. فالهجمات تتم عن طريق العمق واللعب الفردي والتركيز على التسديدات العشوائية مع عدم الاندفاع واللعب بمحورين ثابتين في كل المباريات حتى أمام الفريق الناقص (الشباب) والفريق الذي لم يتجاوز منطقة جزائه (بولونيا) في حين تابعنا جميعاً كيف كان يكتفي بمحور واحد في المباريات التي لعبها الموسم الماضي بحثاً عن الفوز بأكبر عدد من الأهداف، وكيف كان يفتح اللعب على الأطراف ويفك التكتلات الدفاعية ويصل للشباك بطرق مختلفة.. والخروج المشرّف الذي يسعى له ويجعله يغادر سريعاً دون ملامة جعله يقلّم أظافر الفريق هجومياً ويترك كل الجمل التكتيكية الهجومية التي شاهدناها في كل مباريات الموسم الماضي وترك اللاعبين يؤدون باجتهادات فردية ودون خطة لعب أو طريقة بناء هجمات أو أساسيات هجومية يعتمد على تقدم الظهيرين وتحويل الكرات أمام منطقة جزاء الخصوم والتقاطعات الهجومية والضغط القوي على الخصم.. وهو ما جعل الفريق عقيماً هجومياً وغير قادر على التسجيل والفوز حتى وهو يمتلك الكرة لأطول فترة في المباراة.
إذاً الهلال قريب جداً من الخروج وجيرتس يسعى للخلاص مبكراً وربما حتى قبل لقاء الغرافة.. لأن الأداء الذي يقدّمه حالياً لا يمكن أن يمنحه الفوز على فرق المؤخرة التي سيلاقيها في بداية الدوري وربما تتعالى الأصوات بعد ذلك ليغادر سريعاً ويترك الجمل بما حمل..
قد يقول قائل إن المدرب يريد تغيير طريقة اللعب بعد أن أصبحت مكشوفة للخصوم، حيث يحاول تغيير أسلوب اللعب بما يتوافق مع البطولة الآسيوية.. وهذا مبرر قد يسوّقه للمعنيين في الإدارة الهلالية وإذا ما حدث ذلك فهو استغفال جديد لهم لأن استمراره والمطالبة ببقائه هي سبب طريقة اللعب التي قدّمها وليس بسبب خضار عيونه أو سوادها.. ثم إن أحد أبرز أسباب حرص الإدارة الهلالية على استمراره هو تأكيدها الرغبة في الحفاظ على الاستقرار الفني وأسلوب اللعب ونجاح المدرب مما جعلهم يرفضون استبداله في نهاية الموسم ولو كانوا يريدون تغيير طريقته فلماذا أصلاً يبقى ولماذا لا يحضر مدرب جديد ويغيّر طريقة اللعب ويعد فريقه لموسم كامل؟! فالمبرر الهلالي لاستمراره ليس صداقته للرئيس أو رغبته في تحقيق إنجاز شخصي وإنما بحثاً عن استمرار المستوى الذي قدّم في الموسم الماضي والذي من وجهة نظري كان يجب أن يتطور لو كان جيرتس صادقاً في بقائه وحرصه على البطولة الآسيوية.. فبعد أداء الموسم الماضي عليه أن يحسّن أداء الفريق ويطوّره كوضع طبيعي لأن العمل لمدة موسمين أفضل من موسم واحد.. أما تغيير كل إستراتيجياته الهجومية فهو مكشوف وواضح لكل من يفهم كرة القدم ويتعامل معها في الملعب وليس بالعاطفة والصداقة.. ولو عدنا لمبرر تغيير طريقة اللعب فإن برشلونة مثلاً يلعب بنفس أسلوبه خلال العشر السنوات الماضية أو على الأقل لنقل للموسم الثالث على التوالي مع مدربه جوارد يولا ولم يستطع أحد من الفرق الوقوف أمامه رغم أن أسلوبه هو نفسه في كل المباريات دون تغيير.. ولذلك فالهلال في وضع خطير جداً وما على أي شخص لديه ذرة شك سوى العودة لمباريات الهلال الموسم الماضي وهذا الموسم ومن ثم الحكم على العمل أقول العمل فقط دون الاهتمام بالأسماء أو يمكنه العودة لنتائج الفريق حتى الآن وفعاليته الهجومية ليكتشف بنفسه أن الفريق يتم تجهيزه للخسارة وليس الفوز والوصول لنهائي البطولة الآسيوية.. أما الحديث عن غياب ياسر وإصابته وعدم عودته لحساسية المباريات وكذلك غياب ويلي في معظم المباريات فهو حق أريد به باطل؛ لأن الهلال غير قادر أصلاً على صناعة الفرص وليس التسجيل نحن نريد فريقاً يلعب كرة حقيقية وفق طريقة لعب واضحة ومدروسة كالتي شاهدناها الموسم الماضي حتى وإن خسر الفريق وأهدر 10 فرص في المباراة لعدم وجود الهداف عندها نقول إن الفريق يؤدي فعلاً وأن مشكلته غياب الهداف.. لكن المشكلة الآن غياب الطريقة والأسلوب والتكتيكات الهجومية البسيطة وليس المتقدمة كتلك التي شاهدناها الموسم الماضي.
باختصار على الهلاليين التعجيل بإحضار مدرب قدير مهما كانت جنسيته أو لونه أو قارته لأن البوادر تشير لخسائر وليست خسارة وحيدة وعندها سيخسر الهلال كل شيء!