في الحديث الشريف (الحلال بيِّن والحرام بيِّن..)، وعندما نفعل شيئاً ولا نفعل الشيء الآخر فهو غالباً من هذا المنطلق، وأعني بذلك أمور العبادات والمعاملات وغيرها من المسائل التي حدد الشارع صلتنا بها وصلاً وقطعاً؛ فعندما تمتنع عن أخذ الربا فإنك تمتنع من منطلق حرمته لا من منطلق عدم رغبتك في الفائدة. وعندما تضايقك بائعة هوى وتصرف نفسك عنها، فإنك تفعل ذلك خوفاً من الله لأنك تعلم أن هذا من كبائر الذنوب.
والآخذون للزكوات، عندما يقبلونها فإنهم يفعلون ذلك لعلمهم اليقين بحل هذا المال لهم، وأشياء وأشياء تفعل وتترك من منطلق هذا حلال وهذا حرام.
مقدمة.. أردت بها بيان حقيقة غابت عن عزيزة اتصلت بي بعد مقالتي المعنونة: (المسفار.. أحق حلال؟!) قائلة لي: ابتعد عن الفتاوى؛ شفقة منها عليَّ لأنها رأت أنني بهذه المقالة أفتي الناس بحرمة المسفار، ولبيان الحقيقة أكتب هذه الأسطر مبيّناً أنني لم أفتِ بحل ولا بحرمة، وإنما كل ما فعلته بيّنت حقيقة هذا الفعل المشين الذي أضيف إلى الزواج والزواج منه براء.
مقالتي سالفة الذكر جاءت مبيّنة حقيقة قلبت أمام من أستفتي وجعلت في شكل من أشكال الزواج الشرعي، وذلك بالتلبيس على المستفتى بأنه مكتمل الأركان، وهو كذلك ظاهرياً لكنه أخفي عليه الأصل الذي بني عليه، وهو أن يكون لمدة محددة سلفاً بين الرجل والمرأة علم الولي أو لم يعلم.
إنني عندما أكتب في مثل هذه القضايا فإنما أكتب منبهاً لا مفتياً عن حقيقة قد تكون غابت أو غيبّت لحاجة في نفس هؤلاء المتعدين على حدود الله.
إن مسؤولية الكاتب أن يكون العين المبصرة والأذن المنصتة نصرة للحق ودفاعاً عن الحقوق، ولا يعني هذا أنه تحول إلى مفتٍ أو فقيهٍ وهو لا يملك هذه الأدوات.
وهم من اعتقد بأن الكاتب لا يحمل هم ما يكتب، فأنت عندما تختار هذا المركب الصعب فإنك توقع نفسك بين فئتين راضية وغاضبة حتى ولو كنت تتكلم عن شارع أو صحراء مقفرة فهناك من يزعجه قولك وهناك من يطربه.
أخلص إلى رسالة أبعثها لكل من يتوهم بأننا معشر الكتاب، وأخص نفسي نتصدر الفتيا معاذ الله أن نفعل، لعلمنا بأن القول على الله بلا علم مهلكة وأي مهلكة، العلماء، وهم العلماء كانوا وما زال بعضهم حتى اليوم يتدافعون هرباً من الإفتاء لعلمهم بخطورة ذلك، فكيف بنا ونحن لا نملك هذه الأدوات؟
والله المستعان.
Almajd858@hotmail.com