المدينة - مروان عمر قصاص
تتوالى على مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة العديد من الرحلات الدولية التي تحمل الزوار من مختلف أنحاء العالم الذين يحرصون على تمضية بضعة أيام من الشهر الكريم في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويتابع صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن ماجد أمير منطقة المدينة المنورة مراحل قدوم الزوار والعمار من داخل المملكة ومن خارجها، وقد وجه سموه ببذل أقصى الجهود وتوظيف كافة الإمكانيات المتاحة لخدمة المعتمرين والزوار وتوفير السبل الكفيلة بأداء مناسكهم بيسر وسهولة.
واعتبر مسئول كبير بالمطار إن الرحلات التي يستقبلها المطار خلال هذه الفترة الموسمية لا تقل عن حركة المطار في الفترة الموسمية للحج، بل إنها تتجاوزها نظرا لطول فترة قدوم المعتمرين والتي تتواصل من بداية شهر صفر وحتى شهر رمضان المبارك القادم، بعد تطبيق النظام الجديد للعمرة ، وتبذل العديد من الجهات الحكومية ذات العلاقة جهودا كبيرة لاستقبال المعتمرين القادمين من خارج المدينة المنورة على رحلات دولية مباشرة.
وقد ثمن المهندس عبد الفتاح بن محمد عطا مدير عام مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الإقليمي بالمدينة المنورة اهتمامات سمو الأمير عبد العزيز وحرصه -حفظه الله- على راحة العمار والزوار، وتوفير أفضل الخدمات لهم، وقال إن رحلات العمرة تتوالى على المدينة المنورة بما في ذلك الرحلات الإضافية الدولية القادمة من عدة دول عربية وإسلامية، منذ بداية هذا الشهر، وفق خطة شاملة للخطوط السعودية لاستقبال عدد كبير من الرحلات الدولية الإضافية والمجدولة، مشيرا إلى أن المطار يستقبل المعتمرين حتى نهاية شهر رمضان المبارك.
هذا وقد وجه سمو الأمير عبد العزيز بن ماجد كافة الأجهزة ذات العلاقة بالمعتمرين وموسم شهر رمضان بتكثيف الجهود لتوفير أفضل الخدمات لراحة المعتمرين وضبط الأسعار والحد من استغلال هذا الموسم.
وبين مدير عام فرع وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بمنطقة المدينة المنورة الدكتور محمد الخطري إن فرع الوزارة وجميع فروعه وإداراته المساعدة ومنسوبيه يقومون بالإشراف والمتابعة لتوفير ما تحتاجه المساجد من فرش ومصاحف، مع توفير قراء في المساجد لإمامة المصلين في صلاة التراويح، مشيرا إلى أن هناك فرقا للصيانة الذاتية بالفرع بخلاف مؤسسات الصيانة والنظافة والتي تقوم بدور فاعل في هذا الشهر المبارك لإصلاح ما قد يحدث من أعطال، كما تتولى هذه الفرق، وخصوصا فنيو الصوتيات، مراقبة أجهزة الصوت وإصلاح ما يحتاج منها إلى ذلك وتغيير التالف منها وكذا السماعات الخاصة بهذه الأجهزة وذلك بصفة دائمة ومستمرة طيلة هذا الشهر لتهيئة بيوت الله للزوار والمعتمرين.
ويقول الدكتور يوسف بن أحمد حوالة رئيس مجلس إدارة المؤسسة الأهلية للإدلاء: إن المؤسسة تسهم قدر المستطاع في خدمة المعتمرين خلال هذا الشهر الكريم.
وقال اللواء عوض السرحاني مدير شرطة منطقة المدينة المنورة: إن كافة القطاعات الأمنية تشارك في خدمة الزوار حول المسجد النبوي الشريف والمساجد التاريخية، والحد من الاختناقات المرورية، وتواصل خدماتها على مدار الساعة لتوفير الأمن والأمان للجميع.
ومن جانب آخر تبدأ احتفالات طيبة الطيبة باستقبال رمضان منذ بداية شهر شعبان حيث يتم الاستعداد لتوفير احتياجات هذا الشهر، وكان الأطفال يحتفلون بقدومه بالتجمع ليلة 29 شعبان بترديد بعض الأهازيج الرمضانية القديمة، ومنها «جابوه ما جابوه» كناية عن رؤية هلال الشهر ويستمر تجمع الصغار حتى سماع أصوات المدافع معلنة حلول الشهر الكريم، وعندها يذهب الجميع لتقديم التهاني للأهل والاستعداد لأول سحور في هذا الشهر الكريم.
ومن الصور الرمضانية الجميلة التي اختفت لكنها باقية في ذاكرة كبار السن (المسحراتي بطبلته الصغيرة)، فقد كان لكل حارة وحي مسحراتي خاص يقوم في الساعات الأخيرة من كل ليلة من ليالي الشهر الكريم بجولة في نطاق حارته، و لا يدخل في نطاق الحارات الأخرى، ويحمل طبلة صغيرة يطرق عليها بدقات مميزة وينشد أهازيج جميلة بصوت شجي ينادي من خلالها المواطنين للقيام من النوم وتناول طعام السحور، داعيا الله لهم بالقبول وبسحور هنيء.
وكان المسحراتي يقوم أحيانا بالطرق على أبواب بعض السكان لإيقاظهم من النوم ويقدم له الأهالي بعض النقود والطعام أو يدعونه لتناول السحور معهم ويستمر المسحراتي في أداء مهمته حتى آخر ليالي الشهر الكريم حيث يقدم له الأهالي (العيدية) وهي عبارة عن ملابس وزكاة الفطر وبعض المال، إلا أن هذه الصورة انقرضت وأصبح الناس لا يحتاجون لخدمات المسحراتي مع تطورات العصر وتغير نمط الحياة بالسهر إلى الفجر.
ومن الصور الاجتماعية التي تتميز بها المدينة المنورة أيام شهر رمضان الكريم انتشار موائد الخير، حيث تنتشر الموائد الرمضانية في ساحات المسجد النبوي الشريف وداخل أروقة المسجد وهي متنوعة، وداخل المسجد النبوي الشريف تم الاكتفاء بتقديم التمر والماء والقهوة والخبز فقط للمحافظة على النظافة العامة داخله، أما خارج المسجد فإن الموائد المقدمة تشتمل على العديد من الأطباق وعلى شتى أنواع العصائر والأرز وغير ذلك من الأطباق التي يجتمع حولها المفطرون من العمالة الوافدة والمسافرين والزوار.
ويقوم بالصرف على هذه الموائد أهل الخير من أهل هذه البلاد حباً في كسب الأجر والثواب، ويتوارثون تقديمها في نفس الموقع داخل المسجد منذ عهد الآباء والأجداد، وتبذل إدارة شؤون المسجد النبوي الشريف جهودا كبيرة لتنظيم هذه الموائد داخل وخارج المسجد وتتولى نظافة الساحات المحيطة بالمسجد بسرعة كبيرة استعدادا لصلاة العشاء.
وتتميز المائدة الرمضانية في المدينة المنورة بالعديد من الأطباق التي تكون سيدة المائدة بشكل يومي ومنها طبق الفول الذي يعد الأشهر على الإطلاق.
وتحرص ربات البيوت في المدينة المنورة على تنويع المائدة الرمضانية وتخصيصها بأطباق متنوعة، ولعل من أهمها «الشوربة» والتي لا تخلو منها أي مائدة في رمضان وهي أنواع وأصناف، وأكثرها شهرة شوربة الحب مع اللحم أو مع الصلصة أو مع اللبن أو حتى السادة، وكذا شوربة الفريك وشوربة الحريرة والشكنمبة وشوربة الشعيرية ولسان العصفور وغيرها من أنواع المكرونة، وشوربة الفريك إضافة إلى المعجنات بأنواعها ومنها السمبوسك وهي أنواع منها البف، والمثلثات، أو الملفوف، والفرني، وكذا اليغمش، المنتو، ومن المعجنات أيضا البريك، المطبق، قاضي قضا، الفرموزا، وجميع هذه الأنواع تتكون من العجين واللحم والمفروم، وهناك من يفضلها بالجبن والخضار وتعد بالقلي أو الخبز بالفرن وكل نوع له مذاق خاص ومتميز.