أدرك بأني أتناول موضوعاً هاماً وغاية في الحساسية خصوصاً والحديث يتعلق باستخدام مفردة تفكيك والمعني بذلك وزارة التربية والتعليم وهي الوزارة التي قارب عمرها (60) عاماً وسبق أن أنشئت (كمديرية) سبقت توحيد المملكة ولكن لا يوجد ولادة بدون مخاض وآلام حتى مع العمليات القيصرية والتخدير الكامل.
إذاً لا بد للوزارة بهذا الحجم والمسؤوليات أن يجرى لها جراحات دقيقة لتعود فتية وقوية وتؤدي دورها فوزارة التربية والتعليم انشغلت بقضايا عديدة حتى إن أبناءها المعلمين والمعلمات (جرجروها) للمحاكم ورفعوا ضدها قضايا حقوق ومطالبات مالية وتعليمية فانصرفت في السنوات الأخيرة عن عملها الأساسي التربية والتعليم لتتفرغ لقضايا: تحسين أوضاع المعلمين والمعلمات.. تعيين خريجي الكليات... المساواة بين المعلمين والمعلمات في المستويات والرواتب... معالجة بند (105)... معالجة خريجات معاهد المعلمات... استكمال المباني الحكومية والتخلص من المباني المستأجرة... إعداد المناهج وإيصال الكتب بموعدها إلى المدارس... استكمال مشروع نقل الطالبات ثم نقل الطلاب وأخيراً نقل المعلمات... والتخلص من مشكلة تعيين المعلمين والمعلمات.
ووسط هذه القضايا المتعددة دخلت العملية المهنية (التربية والتعليم والتطوير) في طي النسيان ورفعت على الرفوف حتى إننا لا نسمع في الفترة الأخيرة عن مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم الذي أعلن عنه عام 1428هـ ورصد له (4) برامج لمدة (6) سنوات بمبلغ (9) مليارات ورغم أن السنوات الـ(6) أوشكت على الانتهاء إلا أن المشروع لم ينفذ ولم تتضح معالمه.
لذا لا بد من الجراحات الصعبة والدقيقة وهو جعل وزارة التربية والتعليم خالصة لتربية الأجيال وتعليمهم فقد تنبهت الوزارة لهذه المشاكل وبدأت الهيكلة عندما شعرت أنها مثقلة بمهام وأعباء ليست من مسؤولياتها فقررت إعادة الفروع إلى الأصل بفصل ثلاث قطاعات كبيرة بموظفيها ومسؤولياتها وميزانياتها هي:
أولاً: كليات المعلمين والمعلمات بنقلها إلى وزارة التعليم العالي بجميع ممتلكاتها ومبانيها وميزانياتها.
ثانياً: نقل وكالة الآثار بكل مجوداتها إلى هيئة السياحة والآثار.
ثالثاً: نقل المكتبات والشؤون الثقافية إلى وزارة الثقافة والإعلام.
وبدأت المكاتبات الرسمية حيال قطاعين هما الصحة المدرسية بنقلها إلى وزارة الصحة بميزانياتها وموظفيها ومبانيها المنفصلة وتجهيزاتها وكوادرها الطبية والفنية.. وقطاع الكشافة ليكون جهازاً مستقلاً مالياً وإدارياً عن وزارة التربية والتعليم لكن الإجراءات (الصحة المدرسية، الكشافة) لم تتم بعد. كما أن هناك تفكيراً ونية لفصل قطاعين هما: وكالة التطوير (المناهج) ليكون مركزاً لتطوير المناهج وبرامج التعليم. ووكالة المباني لتصبح هيئة عامة للمباني المدرسية تتشكل من عدة أجهزة مثل وزارات: البلديات، والإسكان، والمالية والتربية والتعليم. وهذه المشاريع والأفكار هي أحاديث جانبية في أروقة الوزارة لم يتخذ بشأنها أي قرار. فمن تلك المنطلقات تأتي مبررات تفكيك مهام الوزارة لتتفرغ للتربية والتعليم وهذه القطاعات والوكالات والإدارة والمهام هي: المباني (المدرسية) والتعليمية، والتجهيزات المدرسية: (الطاولات، الكراسي، والأثاث، والأجهزة التقنية)، والصحة المدرسية، طباعة الكتب، التغذية (المقاصف)، إعداد وتأليف المناهج، تعيين المعلمين، المتعلقات بالوظائف التعليمية... هذه القضايا مساندة ولوجستية ليست من مهام الوزارة الأساسية بل هي (إشغال) للوزارة والموظفين وتتطلب طاقماً إدارياً وهندسياً وفنياً ووكالات كبيرة في ميزانياتها وموظفيها: وكالة الشؤون المدرسية، ووكالة المباني، ووكالة التطوير والتخطيط وجميع هذه الوكالات تعمل بأعمال تخص وزارات أخرى مثل: البلديات، والصحة، والخدمة المدنية وهيئات أخرى.