أكثر من 85 ألف مبتعث سعودي يتلقون العلم في أرقى جامعات العالم من أمريكا إلى اليابان وماليزيا وأستراليا والصين فضلاً عن دول أوروبا كبريطانيا وفرنسا وألمانيا.
قرابة 32 جامعة في المملكة طورت مناهجها وعدَّلت برامجها للتوافق مع متطلبات حاجة المجتمع وحاجة السوق السعودية إضافة إلى مد المؤسسات الحكومية بكوادر مُعلَّمة ومدربة وخبيرة.
رائع وجميل أن نتوقع أن نستقبل كل عام عشرات الآلاف من الخريجين المؤهلين تأهيلاً جامعياً يسدون حاجة المجتمع من أبناء الوطن ليساهموا في تنمية الوطن.
جميل وهو ما كنا نطالب به، ولكن.. وآه من لكن..!! هل استعدت الدوائر المسؤولة عن توظيف واستيعاب هذه الثروة العلمية البشرية..؟
طبعاً لا يمكن أن تستوعب الدولة كل هؤلاء الخريجين؛ فالدولة مهما استحدثت من وظائف لابد وأن يكون هناك جيش آخر ينتظر العمل للمساهمة في برامج التنمية، وهنا يبرز دور الشركات والمؤسسات التابعة للقطاع الخاص المتشبعة بالمتعاقدين والوافدين الذين يورثون وظائفهم لأبنائهم وجماعاتهم.
وهنا يبرز دور الدولة في سن القوانين وتطبيقها بحزم، وإلا تزايدت نسب البطالة، وتأثر الأمن والاستقرار، فالشباب المتخرج وهو الذي قضى أعواماً في الغربة وفي الداخل يدرس ويتعلم يدفعه الطموح والأمل والتفاؤل بالحياة، ماذا يفعل عندما يجد وظيفته وتخصصه الذي ذهب لتعلمه وإتقانه يجدها مشغولة بمتعاقد..؟!
طموح الشباب هذا يصطدم بالقوانين ومزاجية المسؤولين عن التوظيف الذي لا يزال مسيطراً حتى على المسؤولين عن توظيف السعوديين.
هذه قصة حقيقية لا تزال أحداثها متواصلة ومسرحها فرع وزارة الخدمة المدنية في الرياض الذي أحيلت إليه أوراق توظيف شاب سعودي عاد من بريطانيا يحمل شهادة الماجستير متخصصاً في هندسة البرمجة تقدم إلى مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية التي وجدت فيه ضالتها كباحث في هذا الضرب من التخصص، فوظّفته على وظيفة (محاضر) أرسلت مسوغات توظيفه إلى فرع الخدمة المدنية في الرياض بعد أن اختبرته وراجعت سيرته الذاتية وشهادته الصادرة من إحدى الجامعات البريطانية التي اُبتعث إليها من قبل الدولة.
ماذا حصل؟! فحص الموظف المسؤول الشهادة، وقارن ما هو مطلوب، فخلط بين متطلبات (المعيد) في الجامعات، (والمحاضر) في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وهي التي تبحث عن باحثين ومبدعين فوجد الموظف أن ماجستير بريطانيا لا يذكر التصنيفات المطلوبة (جيد أو جيد جداً أو ممتاز) إذ إن شهادة الخريج توضح أنه اجتاز متطلبات مرحلة الماجستير وأنه نجح ولذلك مُنح شهادة الماجستير التي اقتنعت بها جهة الاختصاص التي تعرف من الذي تستفيد منه (مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية) أما موظف الخدمة المدنية فلم يقتنع بشهادة الجامعة البريطانية المعتمدة لدى وزارة التعليم العالي رغم أن من كان في موقعه قبل أن يشغله قد اعتمد شهادات مساوية لها ومن نفس الجامعة.
هكذا يُقتل طموح الشباب السعودي وتُسلم وظائفهم للخبراء القادمين من الخارج الذين لا يحملون شهادات موازية لشهادات أبنائنا..!!
jaser@al-jazirah.com.sa