الإعلام الاجتماعي هو الإعلام الجديد الذي بدأ يحفر اسمه في ذاكرة الشعوب، ويكرّس فهمه في عقول البشرية.. ويعمل حالياً على إعادة فهم الإعلام بطريقة مختلفة.. وهنا نعرض لبدايات هذا النوع الجديد من الإعلام

بطريقة مختلفة.. وهنا نعرض لبدايات هذا النوع الجديد من الإعلام الكوني.. في إطار جهود الكاتب في تعريف القارئ العربي بهذه المستجدات.. وهي جزء من كتاب جديد سيصدر للكاتب في شوال القادم بمشيئة الله عن «التحولات النوعية في الصحافة العالمية: من الصحافة التقليدية إلى صحافة المواطن»..

عرف باحثون أكاديميون الإعلام الاجتماعي على أنه مجموعة خدمات تقدم عبر الإنترنت تسمح للفرد بتكوين ملف شخصي - رسمي أو غير رسمي - محدداً أسماء أشخاص متاح لهم التواصل والمشاركة معه، وإتاحة الفرصة له للإبحار في ملفاتهم الشخصية أو الرسمية.

ويُعَد SixDeegrees.com أول موقع في الشبكات الاجتماعية تأسس عام 1997م، وسمح بتكوين ملفات شخصية للمشتركين، واختيار أصدقائهم، وبعد عام أتاح الموقع فرصة الإبحار في ملفات هؤلاء الأصدقاء. وللتوضيح كل خاصية كانت موجودة مسبقاً ومتاحة بمفردها. فعلى سبيل المثال الملفات الشخصية كانت موجودة في مواقع التعارف الاجتماعي، كما أنّ AIM وICQ تتيح فرصة اختيار الأصدقاء ولكن بدون أن يكون هؤلاء معروفين وظاهرين. وكان موقع classmates.com قد وفر فرصة اختيار زملاء المدرسة أو الجامعة والبحث في الإنترنت لإضافة أسماء آخرين، دون التمكن من تكوين ملفات شخصية. وجاء SixDeegrees.com ليكون أول موقع اجتماعي يجمع هذه الخصائص المتعددة في موقع إلكتروني واحد. وعلى الرغم من النجاح في استقطاب ملايين المشتركين، إلا أن العامل الاقتصادي حال دون استمرار هذا الموقع، مما اضطره للإقفال عام 2000م.

وخلال سنوات 1997م إلى 2001م ظهرت عدد من المواقع المجتمعية community sites أتاحت فرص تكوين ملفات شخصية ومهنية وتعارفية وربطها بمجموعات الصداقة مثل مواقع AsianAvinue وBlackPlanet وMiGente. أما الموجة الثانية من هذه المواقع فقد بدأت عام 2001م عندما بدأ Ryze.com موقعه في تقديم شبكة تجارية انطلقت في دائرة ضيقة لمجتمع سان فرانسسكو التجاري والتقني. ثم ظهرت مواقع أخرى مشابهة مثل LinkedIn.com وغيرها تعمل في نفس الاتجاه. ومن بين تلك المواقع كان LinkedIn.com هو الأنجح، وأصبح أداة تجارية مهمة في المجتمع الاقتصادي الأمريكي. وفي المقابل فشل Friendster على خلفية أن فكرته الأساسية تقوم على التعارف بين الأصدقاء، وليس مع الغرباء، ولهذا نجح فقط بين شرائح مجتمعية ضيقة مثل أفراد ينتمون على مجموعات معينة في المجتمع الأمريكي. ونظراً لمحدودية الأصدقاء فقد بدأت تشكِّل إحراجات نظراً لأنّ الشخص يمكن أن يحتوي ملفه على صداقات من رؤساء عمل وأصدقاء مدرسة أو جامعة دون وجود حرية كاملة للتداول بين هذه المجموعات. ومما فاقم الوضع أن Friendster بدأ يقلّص الصداقات على الأصدقاء المقربين فقط، حيث عمد إلى تصنيف الصداقات على شكل درجات، حيث كان يسمح فقط بإتاحة الاطلاع على الملف الشخصي لأصدقاء أصدقاء أصدقاء الأصدقاء (أربع درجات). وقد اضطر المشتركون إلى تزييف أسماء وصداقات جديدة لبناء مجموعات كبيرة، مما أزعج الشركة واضطرها إلى إسقاط بعض الصداقات في ملفات الأعضاء.. وهذا ما أدى إلى ردة فعل لدى المشتركين بانسحابهم من هذا الموقع.

ومنذ عام 2003م بدأت مواقع جديدة تظهر بعضها يركز على العلاقات الاجتماعية، وبعضها على العلاقات المهنية، وتم استثمار النجاحات التي حققتها مواقع سابقة، والإضافة إليها بخصائص جديدة. ونجحت المواقع التي تتيح فرصة تعرف على الأشخاص الغرباء ذات الطابع العاطفي. وظهرت مواقع ذات صفة خدمية مثل مواقع في النقل العام Coutchsurfing ، أو في خدمة الكنيسة MyChurch أو تجمعات الناشطين Care2 وغيرها. أما النقلة النوعية التي حدثت في مواقع الشبكات الاجتماعية، فقد بدأت عندما تم ربطها بالإعلام، وفكرة المشاركة في ما يمتلكه الفرد من مواد إعلامية. فكان Flicker لتبادل الصور الفوتوغرافية، وLast.FM الخاص بالموسيقي والعادات الفنية، ثم جاء you Tube لتبادل لقطات الفيديو.

وعندما تأسست ماي سبيس MySpace في سانتا مونيكا عام 2003م استطاعت أن تنافس بعض المواقع القائمة مثل Flicker وAsianAvinue وغيرها. وقد استغل هذا الموقع التذمُّر الذي كان سائداً بين المشتركين في موقع Friendster ولاسيما ظهور إشاعات عن إمكانية فرض رسوم على المشتركين. إضافة إلى أن حذف موقع Friendster لبعض قدامى المشتركين من أصحاب النجوم الفنية والغنائية بسبب عدم امتثالهم لقواعد وأنظمة الموقع أدى إلى هجرة كبيرة إلى الموقع الجديد MySpace. كما أن انضمام بعض مشاهير الموسيقى والغناء ساعد على تنامي أعداد المشتركين. واستطاع ماي سبيس أن يستغل العلاقة الحميمة بين الفنانين وجمهورهم ليكون هو الموقع الذي ينتظر التعرف على النجوم، وكذلك فتح علاقات بين النجوم وجماهيرهم الغفيرة. وفي عام 2004م بدأت شرائح الشباب الصغار تنضم إلى الموقع بأعداد كبيرة، كما سمح ماي سبيس بدخول القاصرين إلى الموقع وفتح ملفاتهم عليه، مما زاد من تنامي الأعداد المنضمة إلى هذا الموقع الجديد. ونظراً للجماهيرية الكبيرة قامت شركة موردوخ News Corporation بشراء ماي سبيس بما قميته 580 مليون دولار أمريكي عام 2005م، ولكن سرعان ما ظهرت قضايا حقوقية تدين الموقع نظراً للعلاقات التي كانت تتم بين كبار وبين صغار السن على خلفية علاقات جنسية.

ولا شك أنّ امتلاك موردوخ لشركة ماي سبيس قد لفت انتباه العالم إلى أهمية مواقع الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام الاجتماعي. وبدأت كثير من هذه المواقع تنتشر خارج الولايات المتحدة. فقد انتشر ماي سبيس عالمياً، وانتشر Friendster في الجزر الباسيفيكية، وOrkut في البرازيل ثم في الهند، وMixi في اليابان، وLunarstorm في السويد، وHyves في ألمانيا وبولندا، وHi5 في عدد من دول أمريكا الجنوبية وأوروبا، وBebo في المملكة المتحدة واستراليا ونيوزيلندا..

ويُعَد الفيس بوك facebook أشهر المواقع الاجتماعية على مستوى العالم، وقد تم إطلاقه في فبراير 2004م. ويمكن من خلال هذا الموقع الذي يُعَد من مواقع الشبكات الاجتماعية أن يقوم المشترك بإضافة أصدقاء إلى ملفه الشخصي، ويقوم بتحديثه ويصل هذا التحديث إلى جميع أصدقائه، وأصدقاء أصدقائه، إضافة إلى إمكانية الانضمام إلى مواقع المنظمات المهنية والتعليمية وغيرها.

يتبع ...........