يقصد بهذا المبدأ أن على الجهة الإدارية أو المؤسسة الأهلية أن تراعي أحكام الأنظمة واللوائح التي تتعلق بأعمالها بما في ذلك أحكام الدستور الذي يعادله في بلادنا (النظام الأساسي للحكم) وذلك عند قيامها باتخاذ عمل إداري.....
.....كالقرارات والتعليمات والإجراءات فإن لم تقم بذلك فإن عملها يكون معيباً وقابل للبطلان حيث يحق للمعنيين بمثل هذه القرارات المعيبة أن يطالبوا ببطلانها من الجهة المختصة، ومثال ذلك في بلادنا: ما يرفعه الموظفون والعمال من تظلمات واعتراضات على بعض القرارات الإدارية الصادرة من الجهات الإدارية أو المؤسسات الأهلية إلى رؤساء الجهات التي أصدرت تلك القرارات أو إلى ديوان المظالم أو إلى اللجان العمالية بالطعن في نظاميتها حيث يصدر نقض للعديد من هذه القرارات، أما البعض الآخر من القرارات المعترض عليها فيتم رفض الاعتراض أو الدعوى حولها وذلك عندما يتم التأكد من نظاميتها وعدم صحة الاعتراض عليها وذلك لأن هدف مبدأ الشرعية في الأعمال الإدارية هو ضمان الحريات والحقوق الشخصية حيث يكفل حسن تطبيق الأنظمة واللوائح ونحوهما ويحول دون تعسف الإدارة في أعمالها لأمثاله حسب القاعدة النظامية، فإن القرار يعتبر مخالفاً لمبدأ الشرعية وبالتالي ينبغي تعديله حسب ما يتمشى مع القاعدة النظامية فإن لم يتم التعديل فإن من حق الشخص المعني به الاعتراض عليه بالطرق النظامية، وكذلك لو تمت ترقية أحد الموظفين على إحدى الوظائف التي يصرف لشاغلها بدلاً إضافيا ولم يمنح الموظف المرقى رغم ممارسته لأعمال الوظيفة المرقى إليها هذا البدل فإن ذلك يعتبر مخالفاً لمبدأ الشرعية وبالتالي ينبغي منحه هذا البدل من تاريخ مباشرته لأعمال الوظيفة فإن لم يحصل ذلك فله حق الاعتراض على هذا التصرف بالطرق النظامية أمام جهة عمله ومثال ذلك أيضاً: لو أن إحدى المؤسسات الأهلية تعاقدت مع أحد العاملين من الخارج ولم تقم هذه المؤسسة بصرف تذاكر سفر له من موطنه إلى المملكة، مما أدى به إلى السفر على حسابه الخاص، فإن من حقه مطالبة هذه المؤسسة بتعويضه عن تذاكر السفر التي قطعها على حسابه وإذا لم يحصل ذلك فإن ذلك يعد مخالفاً لمبدأ الشرعية ومن حقه التظلم من امتناع المؤسسة عن تعويضه.
كما أن مبدأ الشرعية في المجال الإداري يطبق على القرارات التنظيمية وهي التي تعرف باللوائح التنفيذية أو لوائح الضبط أو لوائح الضرورة وهي تكمل الأنظمة أو تفسرها وينبغي أن تأتي اللائحة متوافقة مع القواعد الرئيسية بالنظام الذي تتعلق به وإذا حدث ورود حكم في اللائحة يتعارض مع قاعدة في النظام فإن ذلك يعتبر مخالفاً لمبدأ الشرعية ومن حق من طبق عليهم ذلك الحكم المخالف الاعتراض عليه أو الطعن فيه وذلك لأن القوانين أو الأنظمة ثلاث درجات وهي:
- الدستور ويعادله لدينا كما أشرنا (النظام الأساسي للحكم).
- القانون أو النظام.
- اللائحة:
وينبغي أن تلتزم الدرجة الأدنى بما ورد من قواعد وأحكام في الدرجة الأعلى منها، فاللائحة تلتزم بما ورد في النظام أو القانون والنظام يلتزم بما ورد من أحكام وقواعد الدستور أو ما يعادله وفي حالة ورود قاعدة أو حكم في الدرجة الأدنى يتعارض مع ما ورد في الدرجة الأعلى منها فإن ذلك يعد إخلالا بمبدأ الشرعية بحيث تعتبر تلك القاعدة معيبة وغير صالحة للتطبيق.
مما تقدم يتبين أهمية مبدأ الشرعية في الأعمال الإدارية فعن طريقه تصدر القرارات الفردية وقد توفرت فيها الشروط والأركان اللازمة للقرارات السليمة، كما تصدر القرارات التنظيمية أو اللوائح بقواعد صحيحة ومتمشية مع القواعد النظامية التي تعلوها في التدرج الهرمي للقوانين أو الأنظمة.
كما أن هذا المبدأ يصون الحقوق ويحقق العدالة والمساواة ويتطلب تطبيق هذا المبدأ وتفعيله ما يلي:
- أن تحظى الأنظمة عند وضعها بدراسة دقيقة ومتأنية وشمولية حتى تخرج بصفة متكاملة وبصياغة سليمة.
- أن تتقيد الأنظمة الأدنى بما ورد في الأنظمة الأعلى منها وأن تتقيد اللوائح التنفيذية بالأنظمة التي صدرته اللوائح مكملة لها.
- أن تصدر القرارات الفردية سليمة وصحيحة وأن تتوفر فيها الشروط والأركان اللازمة للقرارات الإدارية وأن تستند للقواعد النظامية التي تحكم الحالة التي صدر فيها القرار.
- أن تلتزم القرارات الإدارية بالمبادئ القانونية العامة كمبدأ العدالة ومبدأ نفاذ القرارات التي تتضمن حقوقاً للأفراد ومبدأ تساوي المواطنين أمام النظام ومبدأ حق التظلم والدفاع أمام جهات القضاء الإدارية.
- أن يتم عند وضع الأنظمة واللوائح وإصدار القرارات تحاشي الطابع الشخصي بأن يكون طابع المصلحة العامة هو المعول عليه في إصدار الأنظمة واللوائح وأن تكون هذه الأنظمة واللوائح هي المستند للقرارات الفردية.
وفي بلادنا يتم والحمد لله مراعاة الجوانب الموضوعية في إصدار الأنظمة واللوائح والقرارات التنظيمية، فقد سبق أن أوردنا في موضوع سابق كيفية صدور الأنظمة وأن ذلك يمر بعدة قنوات حتى يصبح النظام قابلاً للتنفيذ.
أما عن إصدار القرارات التنظيمية والتي تعرف باللوائح فإنها أيضاً تمر بعدة مراحل قبل إصدارها مما يضمن لها الدقة والموضوعية ومن تلك المراحل دراسة موضوع القرار التنظيمي من لجنة مختصة تعرف (باللجنة التحضيرية) قبل أن تتم المصادقة عليه من السلطة المختصة.
فمثلاً: قبل أن يقوم مجلس الخدمة المدنية المختص بشؤون الوظيفة العامة في المملكة بإصدار إحدى قراراته في أحد الجوانب الوظيفية فإن هذا القرار يخضع قبل أن يعرض على المجلس للدراسة من قبل وزارة الخدمة المدنية، ثم من اللجنة التحضيرية لمجلس الخدمة المدنية التي تضم ممثلين عن وزارة الخدمة المدنية ووزارة المالية ومعهد الإدارة العامة.