لا أعتقد أن الخطوط السعودية وصلت في تاريخها إلى هذه الدرجة من الارتباك و(الخبصة) في التشغيل. الآن أصبح تأخر موعد المغادرة هو (القاعدة)، أما السفر في ذات الموعد فهو (الاستثناء). وأنت محظوظ إذا تأخرت الرحلة ولم تلغَ؛ وإلا فإن الإلغاء وارد وبقوة أيضاً حتى تغلق الأبواب وتتحرك الطائرة.. والسعوديون -بصراحة- يتطلعون إلى اليوم الذي يُسمح فيه بفتح أجواء المملكة الداخلية لطيران دول التعاون الخليجي لنقل الركاب بين مدن المملكة، بعد أن ذاقوا من هذه المنشأة المترهلة الأمرّين، ناهيك عن تواضع الخدمات والذل والإهانة التي يتلقاها الركاب من موظفي الخطوط، وكأنَّ شرط التوظيف، وكذلك ترفيع هؤلاء الموظفين، أن يعرف الموظف كيف (يتعالى) على الركاب ويتعامل معهم بعنجهية وازدراء؛ فخطوطنا (الوطنية) وصلت اليوم - للأسف - إلى وضع لا يُطاق، وتدنى مستوى الأداء التشغيلي إلى مستويات قياسية لم تعرفها قط في تاريخها، ومن المتوقع أن تتفاقم هذه الحالة عند نهاية الإجازة الصيفية وقدوم شهر رمضان إلى مستويات أسوأ مما هي عليه الآن، كما أخبرني بذلك أكثر من مسؤول.
أريدكم فقط أن تقارنوا بين أي خطوط خليجية أخرى، كخطوط الإمارات مثلاً، والخطوط السعودية، لتعرفوا مدى الفشل الذي تعاني منه الخطوط السعودية؛ رغم أن كل المعطيات تصب في مصلحة الخطوط السعودية وليس الإماراتية، وأهمها الخبرة التي تتجاوز خطوط الإمارات بعقود، ومع ذلك ها هي الخطوط السعودية تئنُّ أنين المريض الذي لا يُرجى برؤه في كل خدماتها: التوقيت غير المنضبط في مواعيد الإقلاع، فوضى الحجوزات وحكاية (السستم عطلان)، الطائرات رثة الفرش من الداخل، الواسطة، غلاء تذاكر الرحلات الخارجية مقارنة بأجور غيرها من شركات الطيران، التعامل المتعالي لموظفيها الأرضيين إلى درجة مُقرفة، وكذلك التطنيش واللامبالاة من مضيفيها ومضيفاتها في الجو أثناء الرحلات؛ بل إن هذا التسيب الإداري منقطع النظير أصبح ثقباً من خلاله تلج المحسوبيات في كثير من مكاتبها وبالذات خارج المملكة؛ ففي كل محطة تصل إليها طائرات الخطوط هناك من يتلاعبون بالحجوزات؛ ومن تكون له علاقة أو صلة بأحد الموظفين فسوف تزفّه طائرات الخطوط إلى السماء عائداً إلى بلاده، أو قادماً منها، كما تُزَفُّ العروسُ إلى عريسها !
وحسب اتفاقية مونتريال الملحقة (كشرط) في اتفاقيات النقل لأعضاء اتحاد النقل الجوي الدولي (أياتا) - والخطوط السعودية عضو في هذه المنظمة - جاء ما يلي: (بالنسبة للضرر الناتج عن تأخير الرحلة ، فسيكون مسؤولية الناقل 4,694 «حق سحب خاص» (أي ما يعادل تقريباً 5,000 يورو أو 7,500 دولار أمريكي أو 28300 ريال سعودي (للراكب الواحد في معظم الحالات). ولو أنَّ في المملكة جمعية حماية مستهلك (على سنع)، لأخذت على عاتقها تطبيق هذا الشرط، و(تغريم) الخطوط نيابة عن كل راكب تتأخر رحلته. !
وأمام هذا التقصير، واللخبطة، وتدني هذه الخدمة إلى هذا المستوى؛ لماذا لا يُشكل أميرنا المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز نائب الملك، وولي العهد، ووزير الدفاع والطيران، ورئيس مجلس إدارة هذه المؤسسة -حفظه الله- - بما عُرف عنه من حزم- لجنة (تقصي حقائق) لكشف المسؤولين عن هذا التخبط الإداري الذي يندى له الجبين، ومحاسبة المتسببين؛ فقد مل الناس من الشكوى والتذمر؛ ويبدو أن المسؤولين في الخطوط ليس لديهم سوى المكابرة والمغالطة والبحث عن الأعذار والإصرار على أنهم (الإداريون اللائي تعجز النساء عن أن يلدن أمثالهم)؛ أما تحسين الخدمة فهذه لم تخطر لهم على بال بعد.!
إلى اللقاء.