حينما يرحل عن دنيانا شخص وضع بصماته في شغاف القلوب وطبع المحبة وحسن الصلة مع الكثيرين من أفراد المجتمع.. تتبارى الأقلام وتحتشد الصحف والمجالس لتسطِّر مآثره وتخلد لحظاته وتمجِّد مواقفه التي طبعها أثناء مسيرة حياته على وجدان الذين من حوله.. فيصبح من قوم أحياء بين الناس بما بذروه من أعمال البر والخير.. ونسأل الله أن يكونوا أحياء عند ربهم يرزقون..
وجدت نفسي أطالع ما كتبه الكثيرون عن الراحل الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز الجميح، وأحسست في كثير من الأحايين تعابير كأنها نسخة من المناقب وزعها الفقيد على قلوب محبيه فأصبح تعبير الفرد عنها وكأنه يتحدث بضمير الجماعة.. لقد رحل هذا الرجل الذي دأب في حياته يضع غراس المحبة والتميز ليتساقط جنيُها على صفحات الذكريات.. وأنّ عناقيد الرثاء تخرج من بستان واحد، وأنّ من كتبوا عنه كأنما يعبّرون عما يجيش بنفسي.. وإن كنت قد تأخرت بإعداد مقالي هذا.. فلابد أن أذكره لخصوصية العلاقة التي تربطني بهذا الرجل القامة لوفائه وصداقته معي، ولتفقُّده الدائم لي بالاتصالات الأسبوعية من المملكة أو خارجها، وكم تشرفت بمرافقته وصحبته في بعض الدول الأوروبية والآسيوية للفحوصات الطبية، إلاّ أنّ مشيئة الله عزَّ وجلَّ وقدرته اختارته فجأة لفراقه عنا.. أسكنه الله فسيح جناته وأكرم نزله.. والشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز الجميح من الرجال الذين يذكرون بالخير والوفاء والعطاء والحب.. تحدث أهله وأبناؤه وجميع من رثوه أجمعوا على حسن تعامله وعطفه وخلقه، وكم هو رجل نادر بإيمانه وعقيدته الصادقة وتمسُّكه بدينه وعبادته، والتزامه في ما عاهد الله عليه من الإيمان الصادق..
كان نعم الرجل الوفي الذي تشرّفت بأن يعاملني معاملة الأب لولده قبل أن أكون صديقاً أو مرافقاً له في السفر.. كان شريفاً في تعامله وإخلاصه لدينه ملتزماً بحبه لأهله وذويه من أصدقائه، وفياً يبادر بالاتصال والاستفسار عن كل حبيب وصديق هاتفياً قبل أن يسأل الناس عنه.. وكم هو رجل محبٌّ وكريمٌ.. رحمكم الله يا شيخ عبد الرحمن عبد العزيز الجميح.. ومع بقائه في قلوب أحبابه، فما تزال غراس الصفات النبيلة في أهل بيته حفظها الله وأبنائه الشيخ عبد الله والشيخ عبد العزيز وبناته الكريمات وأحفادهم من الأبناء والبنات الذين نشأوا صالحين بخلق عظيم ومكانة طيبة من العلم والأدب.. ألا رحم الله الفقيد وأنزله منازل الصالحين من عباده.. وبارك في خلفه امتداداً لمسيرة الحب والعطاء لهذا الوطن ومليكه ومواطنيه وسائر الأمة.