السعوديون بشكل عام يتعاملون مع العاملة المنزلية لديهم كجزء من أفراد العائلة.. تشاركهم المأكل والمشرب، وتسهر إذا سهروا، وتنام إذا ناموا، وترافقهم في الحل والترحال، وقد تتطوَّر العلاقة إلى المشاركة الوجدانية مع العائلة السعودية، ويتحمل صاحب العمل المسؤولية الكاملة عنها في كل ضارة ونافعة، ومن هذا المنطلق يحتفظ بوثيقة سفرها لتحمله المسؤولية عنها.. هكذا هو الوضع العام، ولا نزكي بعض أفراد المجتمع من أوجه التقصير، ولكن يبقى ذلك في حدود الاستثناء.
وعند السفر لبعض الدول الأجنبية خلال الإجازات الصيفية، أو الرحلات الخاصة بالعلاج أو لأغراض خاصة، تواجه البعض منهم مشكلة ترصد الانتهازيين من ضعاف النفوس المحترفين، أو الجمعيات والمنظمات المفلسة، في البحث عن الإثراء على حساب علاقة العائلة السعودية أو الخليجية بعاملتها المرافقة لها في السفر عن طريق الاتفاق مع العاملة، أو تحريضها؛ لإقامة قضية ضد صاحب العمل بحجة مخالفة قوانين الدولة المضيفة بالالتزام بالحد الأدنى للأجر الذي يفرضه قانون العمل في تلك الدولة، والحد الأدنى لساعات العمل، أو حجز جواز السفر، أو الاستعباد، وما إلى ذلك من قائمة الاتهامات المفتعلة.
ومع الأسف، تتواطأ بعض فئات العمالة، تحت إغراء الإقامة الدائمة في تلك الدولة، والمشاركة في عائد القضية أو الابتزاز، وتدخل مع تلك العصابات في الانقلاب على العائلة التي شملتها بعنايتها وقدمت برفقتها، والتي بدونها لا يمكن أن توفر قيمة تذكرة السفر لتلك البلاد ولو عملت في بلادها طيلة الدهر!
أيضاً تقع العائلة السعودية ضحية الجهل بالقانون؛ فالعلاقة التعاقدية مع العاملة تمت وفقاً للأنظمة السعودية وقانون الدولة التي تحمل العاملة جنسيتها، وليس وفقاً لقانون الدولة الأجنبية، ومكان تنفيذ عقد العمل هو المملكة. كما أن الإقامة في الدولة الأجنبية مؤقتة لغرض الزيارة أو السياحة وليست إقامة دائمة لكي تطالب الدولة المضيفة تطبيق قوانين العمل لديها على علاقة تعاقدية خاصة أطرافها أجانب.
والجميع يتذكر قصة العاملة الآسيوية، التي ذهبت برفقة عائلة سعودية للولايات المتحدة الأمريكية لغرض علاج أحد أفرادها بالمستشفيات الأمريكية، ومكثت برفقة العائلة السعودية ما يقرب من سنتين، وعندما انتهت فترة العلاج وقررت العائلة السعودية العودة كانت العاملة قد ألفت الحياة والعيش في أمريكا، وذهبت إلى محام للبحث عن طريقة تمكنها من الاستمرار في الإقامة بأمريكا، ونصحها بإقامة قضية ضد العائلة السعودية بتهمة الاستعباد، ولكنها فشلت في إثبات ذلك أمام الحكمة؛ حيث شهد الجيران ضدها وقالوا أمام المحكمة «كنا نعتقد أنها واحدة من أفراد العائلة السعودية وليست مجرد عاملة». واستغل المحامي ثغرة قانونية في طلب التأشيرة المقدم لها للسفارة الأمريكية بالرياض حيث تعهد صاحب العمل بمنحها راتباً على أساس الحد الأدنى للأجر في الولايات المتحدة الأمريكية لكي توافق السفارة على منحها التأشيرة، ولم يستطع أن يثبت أنه كان يمنحها الراتب الذي تعهد به، ولولا تدخل الخارجية السعودية لما خرجت العائلة السعودية من القضية حتى هذا الوقت.
من ناحية قانونية ليس من حق الدول الأجنبية فرض قوانين عملها على علاقة تعاقدية خاصة تمت خارجها ووفقاً لقوانين دول أخرى بمجرد تواجد أطراف العلاقة على أراضيها لفترة مؤقتة. ويجب معالجة الوضع مع السفارات الأجنبية هنا. أما العلاج الوقائي فهو عدم اصطحاب العاملة أثناء السفر مهما كانت الظروف والحاجة إلى خدماتها.