قال: إن البصر والبصيرة، بل العقل كله وسيلة لغاية المعرفة التي تثبت الإيمان بيقين الإشباع الروحي، وتلك الغاية يرتد البصر دون الإحاطة الكاملة بتفاصيل تلك الغاية، لكن البصيرة من يحيط بالأغلب من تفاصيلها......................
كما أنها أي البصيرة القادرة على تفعيلها ورسم النظام لها وعلى نفس الدرب ندرك أن الحياة لغز وكذلك من يعيش عليها لغز آخر، فهما من السنن الكونية وإن كان لفعلهما قانون يحكم الثابت والمتغير فيهما، وهو المانح لطاقة التفاعل بين الإنسان والحياة وإن انحرف الإنسان عنه، حيث الغرائز، وفق القانون.
كما يُلاحظ أن مسرح الحياة يستوعب قانون البقاء وقوانين أخرى. ومن ذلك ما هو لذات الإنسان، ولذات الحياة، وهو المسرح الذي يتحرك عليه وعي الإنسان والهامش منه فهو محصلة لفعل البشر وكذلك الوعاء الذي يختزن جد الإنسان وكل أوهامه، وهزله من جدّه ومن أفراحه وأتراحه، إن الحياة مسرح من عليه يحاول الإنسان أن يسلك أحسن الطرق وأكثرها أماناً، بل إنه المسرح الواحد الذي يظن الإنسان أنه مُلكه يلعب عليه وحده، لكن يظن آخر ظناً عقلياً يعتمد على معطيات بحساب وقياس بأنه مشاع ولا يملكه إنسان واحد، وللإنسان طبائع من الخير والشر يظهر منهما ما يظهر كإفراز لهذا الطبع يُسَرُّ به واحد، ويشقى به آخر.
والحقيقة على الدرب في حراك عجل يلهث الإنسان ركضاً وراءها، يدرك ما يدرك ويفشل إدراكه في معظم الأحيان.
إن الزمن في قانون الإنسان حساب يرصد ما هو تاريخ أو مادة له، كما يرصد بذكاء من الإنسان واقعه والمتغيرات من حوله، وحينما يحل في مكان والمجهول ينسج مادته يتقلب الإنسان بين مطويات الزمن الذي أسماه حاضرا وماضيا ومستقبلا قادما، وما الثواني والدقائق إلا محصلة لهذه الفوضى النسبية.
فالحاضر من الإنسان معلوم وإن تباين المعلوم فيه بين إنسان وآخر، والماضي رصيد لتاريخ الإنسان في وهمه وحزنه وفرحه وإنجازه من إبداع أو سواه، وبعد ذلك يتوارى الماضي وملف الأحداث، أو إن الأحداث من يلفه ويطويه.
والمجهول هو القادم وإن كان إفراز للحاضر والمعطيات التي تراكمت بفعل الماضي، ولهما يد يشار لها بالبنان نسجت الحدث؛ المجهول بالنسبة للإنسان وربما كان مخيفاً، وفي زمن يكون فيها البصر من حديد؛ فالبصيرة تصبح وسيلة لزمن آخر.