Al Jazirah NewsPaper Friday  23/07/2010 G Issue 13812
الجمعة 11 شعبان 1431   العدد  13812
 
المؤسسات والهيئات الشرعية في مواجهة زيف الغلاة والتكفيريين الإرهابيين
وزير الشؤون الإسلامية: جهود متواصلة من كلِّ الجهات في الوزارة لمواجهة الغلو وتحقيق الأمن الفكري

 

الرياض - تقرير خاص بـ(الجزيرة)

أدّت المؤسسات والهيئات الشرعية التي تشرف عليها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد من مساجد، وجوامع، ومراكز، ومكاتب تعاونية للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات، عملاً مشهوداً - على مدار السنوات الماضية - في محاربة الأفكار الهدّامة، والسلوكيات المنحرفة، وترسيخ مبادئ الوسطية والاعتدال، وتوجيه مختلف فئات المجتمع المسلم بمختلف فئاته العُمرية والثقافية نحو الالتزام بأحكام وآداب الدين الإسلامي، وهديه في جميع الأقوال والأعمال، وفي مختلف الأزمنة والأمكنة.

وعملت وزارة الشؤون الإسلامية على تأصيل هذه الأحكام والآداب التأصيل الشرعي الذي يجعل المرء المسلم متمسكاً بذلك في جميع تعاملاته في داخل المجتمع المسلم وفي خارجه حتى ينقل الصورة الحقيقية للإسلام، وذلك من خلال منابر الجمعة، والمحاضرات، والكلمات الوعظية في المساجد، وكذا المخيمات الصيفية التي تقام مستهدفة توجيه وتنشئة الناشئة والشباب من البنين والبنات على خلق القرآن، والوسطية والاعتدال، مشددة على رسالة الأئمة والخطباء والدعاة، وغيرهم ممن ينفذون هذه الأعمال والبرامج الدعوية والتثقيفية الذين كثفت الوزارة في الفترة الماضية من إقامة الدورات والبرامج الشرعية المتنوّعة لهم.

برامج متنوّعة

وقد أكد معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح آل الشيخ، على ضرورة تواصل الجهود بإعداد برامج متنوّعة وفاعلة لمواجهة الغلو، وتحقيق الأمن العقدي والديني والفكري من خلال تنظيم ندوات شهرية في المدن والمحافظات، يحضرها الخطباء والأئمة للاستفادة منها، ويشارك فيها نخبة من العلماء، وطلبة العلم الذين لديهم القدرة والإمكانية على المشاركة في هذه الموضوعات، بحيث يكون الموضوع الرئيس لهذه الندوات هو الأمن الديني والفكري، وكيفية نهوض الخطباء وأئمة المساجد به.

وأكد معاليه - في ذات التوجيه - على وجوب تنظيم كل فرع من فروع الوزارة ندوة شهرية، يتحدث فيها ما لا يقل عن ثلاثة مشاركين، وتتكوّن من جلستين، أو ما يناسب المنطقة وظروف الناس فيها، تكون عن الأمن الديني والفكري وضرورته، والحاجة إليه، وحاجة الخطيب والإمام إلى معرفة ذلك من خلال الكتب المتعلقة بهذه الجوانب خاصة الكتب في مضادة الإرهاب، وفي توضيح فتنة الاغتيالات، وفتنة التكفير والتفجير, وخطر الغلو والإرهاب، وتنظيم ندوات تفصيلية أخرى تتعلّق بالتكفير وخطره، والإرهاب وخطره وأضراره في المملكة، وما حصل في الداخل والخارج، ومن الموضوعات، كذلك (الحوار وأهميته)، و(الخلاف كيف يدار)، و(جهود المملكة وولاة أمرها في نصرة الإسلام والمسلمين والدعوة إلى الله ودعمهم لذلك)، وعن (الشباب وضرورة التواصل معهم وكيفية اكتسابهم، وكيفية إزالة الشبهات عندهم)، و(عن خطبة الجمعة كيف تصاغ)، و(خطبة الجمعة في بيان متنوّع لخدمة الأمن العقدي والفكري والديني).

ووفقاً لهذه التوجيهات، بادرت فروع الوزارة بعقد مجموعة من الندوات، وكذا ورش عمل في المدن الرئيسة برعاية من أصحاب السمو الملكي أمراء المناطق ونوابهم، ومن ينوبونهم بداية من شهر جمادى الأولى الماضي، وما زالت تتواصل حتى الآن تقام، وتنظم بصفة دورية، وقد ركزت هذه الندوات على موضوعات متعدّدة منها: (منبر الجمعة - رسالة ومسؤولية)، و(أهمية الأمن الفكري وأثره الديني والدنيوي)، و(الغلو: الجذور والمنابع)، و(الأسس والمحددات لمفاهيم الوسطية «الأمن الفكري»، الإرهاب، الغلو، والتطرف)، و(الإرهاب والوسطية في الإسلام .. عقيدة وشريعة). كما عالجت تلك الندوات محاور: (الغلو في الدين، والتأثر بفهم الخوارج، والتفسيرات الخاطئة لقضايا التكفير، والفراغ الفكري).

بيان الحق للناس

وعن هذه الندوات، وهذا البرنامج، يؤكد المدير العام لفرع الوزارة بالمدينة المنورة الدكتور محمد الأمين بن خطري آل طالب على أهمية هذه البرامج تجاه التأكيد على الرسالة المهمة للخطباء والدعاة إلى الله في المجتمع المسلم: وقال: إنه يتوجب على الأئمة والخطباء والدعاة إلى الله أن يبينوا للناس الحق، وأن يربطوا الناس بالعلم الشرعي وبالعلماء الربانيين الذين ينتهجون منهج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام وما عليه سلف هذه الأمة.

وأضاف أنه ينبغي أن يتسم الخطاب الدعوي بالوضوح والسهولة التي تبعدهم عن التشدد والتنطّع، فلن يُشاد الدين أحد إلاّ غلبه، وكذلك لابد وأن يكون تجديد الخطاب الدعوي معتنياً ببيان ثوابت الدين ومقوّماته لأنها أساس الدعوة إلى الله وتوعيتهم، وعدم تقنيط الناس من رحمة الله لأنّ الله وصف نبيه بأنه رحمة للعالمين، والحق وسط بين الغالي والجافي، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}.

التصدي للانحراف

أما المدير العام لفرع الوزارة بالشرقية الشيخ عبد الله بن محمد اللحيدان فقال: إنّ فكرة البرنامج تقوم على أنّ العمل الأساسي للفروع هو تنظيم أعمال المساجد والدعوة من خلال عدة أعمال منها: «متابعة صيانة المساجد والعاملين فيها، وتقوية علاقة الخطباء بالفرع، وبيان ما يجب التركيز عليه في خطبهم، وفهم الخطيب لأداء الواجب، والقيام بالتصدي لانحراف الأفكار من التكفير والغلو وما نتج عن ذلك من التفجير والإرهاب»، وأنّ أصحاب الأهواء والضلالات مازالوا يخططون للقيام بأعمال التفجير وزعزعة الأمن، وعليه يجب عمل برامج منظمة ومنوّعة بشكل شهري لتحقيق النهوض بدور الإمام والخطيب لمواجهة الغلو والتطرف، يلزم بحضورها كل الخطباء والدعاة الرسميين، ويشارك فيها العلماء وطلبة العلم، مشيراً إلى أنه شارك ويشارك في تنفيذ هذه الندوات مجموعة من العلماء وطلبة العلم في موضوعات معالجة الغلو والأمن الفكري.

وأكد الشيخ عبد الله اللحيدان على عظم الأمانة التي يحملها الخطباء تجاه أداء واجب خطبة الجمعة، ومن ذلك القيام بالتصدي لانحراف الأفكار بالتكفير والغلو، وخاصة أمام ما تقوم به الفئة الضالة، وما يخططون للقيام به من أعمال التفجير والإفساد، مما يحتم علينا التعاون لتحقيق النهوض بدور الإمام والخطيب لمواجهة هذه الفئة.

تحقيق الأمن

أما مدير عام فرع الوزارة بمنطقة القصيم الشيخ سليمان بن علي الضالع، فيؤكد أنّ الوزارة تبنّت رسالة تعريف العالم بالدين الإسلامي الحنيف والدعوة إليه والتصدي للشبه المثارة .. وفي نفس الوقت عالجت وتعالج مظاهر الغلو والتشدد، فكان دور الوزارة دوراً رائداً ومهماً له أثره وتأثيره في المجتمع والأمة وخصوصاً في جانب محاربة الإرهاب والتطرف، وتعزيز الوسطية، وتحقيق الأمن الفكري والاجتماعي، وقد بذلت الوزارة في هذا التوجه جهوداً جبارة عبر عدة محاور وقائية وعلاجية ورادعة، متمثلاً ذلك في تنفيذ عدد من الآليات والتوجهات، منها إقامة اللقاءات والندوات والمحاضرات، وطبع الكتيبات والمطويات، وإقامة المعارض والمؤتمرات والحملات، وإصدار المجلات الدورية التي تعنى بصد هذا المسلك المشين، إضافةً إلى التأكيد على الدعاة وأئمة المساجد والجوامع بممارسة دور التوعية والتوجيه، وتفعيل دور المحراب والمنبر، وفقاً لما يتطلّبه واقع الأمة والمجتمع مع حسن الطرح الذي يتوافق مع حال المتلقي، وتباين ثقافته سواء في المدينة أو القرية.

وشدد الشيخ الضالع على أن جهود وزارة الشؤون الإسلامية - في هذا الشأن - متواصلة وأعمالها متصلة في نهج من الهدى والبيان، كان آخرها إقامة واعتماد برنامج الندوات الشهرية في المدن والمحافظات، والذي بدأ العمل به ضمن مرحلية شهرية لها أهميتها في تطوير القدرات الذاتية للداعية والخطيب وإمام المسجد؛ ليتمكن كل واحد من ممارسة العمل الدعوي والتوجيهي بتأصيل شرعي وبيان واضح وصادق وطرح مبسط.

دعاة الزيغ

ومن ناحيته، قال المدير العام لفرع الوزارة بمنطقة الجوف الشيخ علي بن سالم العبدلي: إنّ تنفيذ هذه البرامج والنشاطات الدعوية تشمل استضافة بعض كبار العلماء وطلبة العلم من الجامعات والمعاهد لإلقاء محاضرات ذات موضوعات محددة في هذه الندوات، محذراً من دعاة الزيغ والضلال والشبهات الذين يحاولون نشر بعض المفاهيم والشبهات، بل والتشكيك في بعض الأحكام الشرعية لتتوافق مع أهوائهم ومآربهم الباطلة، ولقد انتشرت هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة خاصة مع تقدم وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، مما حدا ببعض دعاة الزيغ والضلال إلى بث روح الشقاق والفرقة، ونشر بعض المفاهيم الخاطئة عن الإسلام، وقد تعدّى ذلك إلى التشكيك في الأحكام الشرعية لتتوافق مع أهوائهم، وهنا يأتي الدور المطلوب من عامة الناس وولاة أمورهم، ومن هنا يتوجب على الدعاة العمل على ربط الناس بالعلماء والعلم النافع والرجوع إلى الكتاب والسنّة في كل أمور الحياة.

وطالب الشيخ العبدلي بأن يكون الخطاب الدعوي متنوعاً ليصل إلى جميع المسلمين أطفالاً وكباراً ونساءً مثقفين وعامة طلبة العلم والعلماء، وبدون هذا لا يتفق مع طبيعة رسالة الإسلام الذي جاء به للناس أجمعين، كذلك فإنّ خطاب جمهور الناس يحتاج إلى معرفة أوثق بواقعهم وتنزيل أكثر إلى مصطلحاتهم ومشاكلهم، وهناك ألوان أخرى من الخطاب الدعوي السياسي والإعلامي يجب الاهتمام بها لكونها تهم كافة شرائح المجتمع المسلم، مشدداً على أنه ينبغي للداعية أن يأخذ على عاتقه عرض المشكلة في موضعها الصحيح، ليتم تشخيصها بصورة دقيقة، ثم طرح العلاج المناسب للنهوض بالخطاب لحل وعلاج أي مشكلة، سواءً أخلاقية أو فكرية أو اجتماعية. والمنهج المطلوب الذي يلزم أن يتبعه الداعية هو تحكيم شرع الله، والأخذ بالكتاب والسنّة، والاجتهاد، والقياس فيما لم يرد أو لم يثبت عن الصحابة أو التابعين.

وجوب الوسطية

أما مدير عام فرع الوزارة بمنطقة الباحة المهندس ناصر بدران، فأكد على أهمية هذه الندوات في التأكيد على وجوب الوسطية، وعدم الغلو والتطرف وفق الكتاب والسنّة، وقال: إنّ مسؤولية الخطباء وأئمة المساجد، والدعاة تجاه مجتمعنا تحتم علينا مواجهة التيارات الفكرية التي تغزوه، وهذا يستلزم التصدي للشبهات المطروحة في الساحات وذلك بدراستها وتحليلها وإيجاد الحلول الحقيقية المقنعة لها، خاصة وأصحاب تلك الدعاوى الباطلة لا يدخرون جهداً في ابتكار الشبهات، وإظهارها بلباس الحق، والاستدلال عليها، وبثها ومحاولة إيصالها إلى أقصى أطراف المجتمع، ولذا فإنّ المتصدي للرد على الشبهات لابد له أن يدرس الشبهة جيداً ثم يطرحها بكاملها ويوضح مراد صاحبها قبل أن يذكر الإيرادات عليها، ويكون رده مقبولاً مقنعاً للجميع.

وأضاف يقول: إنّ الواقع الذي نعيشه اليوم مملوء بالمستجدات والتحديات والكثير منها لم تمر بها أمتنا من قبل، مما يفرض على قادة وحملة الخطاب الدعوي استيعابها والتعامل معها بما يكافئها من المعالجات والأطروحات الجديدة، وهذا يقتضي صياغة خطاب دعوي بثوب جديد، وأحياناً مضامين معاصرة قائمة على اجتهادات علمية من أهلها وفي محلها. ولا يعني التجديد الإتيان بما يرضي الناس ورغباتهم كيفما اتفق، ولكن تقديم الرؤى والبرامج التي تلبي ضرورات الناس واحتياجاتهم دون أن يقعوا في حرج من الدين وتعاليمه، بل على استقامة من أمره ونهيه، والمراقب لمشهد الخطاب الدعوي يجد الدور الواضح والجلي لما يقوم به رموز ورجال الدعوة والفكر من عرض رائع وراق لمبادئ الدين ومناهجه، استوعب فيها حاجات الناس المتجددة واستخدم فيها المفردات المناسبة والوسائل والأساليب المعاصرة وفق روح الإسلام ومطالبه، وعلى الدعاة الذين يستهدفون التغيير للإنسان، أن يمزجوا في خطابهم له بين تقديم الحقائق بالحجة والبرهان وقوة وحرارة الوجدان، فلا تكفي القناعة الجافة والمجردة والخالية من الروح والعاطفة، وإنما يحصل بهما معاً التغيير والتعديل للإنسان تصوراً وممارسة.

وتأتي هذه الندوات والبرامج متسقة وامتداداً للمشروع الذي تتبنّاه الوزارة في مناطق المملكة منذ سنوات لتعزيز الوسطية وتحقيق الأمن الفكري والتأصيل الشرعي لفقه الانتماء والمواطنة.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد