قرأت في كتاب المفكر السعودي الأستاذ إبراهيم البليهي «حصون التخلف» الصادر عام 2010م هذا المقطع الجميل «يبدأ الإصلاح في كل المجالات من الإصلاح الأخلاقي واعتماد الصدق والموضوعية وفتح باب النقد وتوفير الشفافية والوضوح وإدانة السلوك الانتهازي اجتماعياً بنبذ الانتهازيين وتجريم الانتهاز فالحياة الراشدة تنهض على الأخلاق الإنسانية الرفيعة».
ولو تأملنا قليلاً لوجدنا أن صفة الانتهازية هي أكبر معيقات الإصلاح الذي نتطلع إليه جميعاً.
الانتهازيون منتشرون ويمتلكون القدرة على تمرير انتهازيتهم البغيضة وإلباسها ألف لبوس ولبوس تارة التمظهر بزي الدين واستغلال ما يمنحه المجتمع البسيط من قداسة لمن تظهر عليه سيماء الالتزام وهي سيميائيات معروفة وأيقونات متداولة، بل إن بعضهم أصبح يجاهر بأن الناس يتبركون به وبمصافحته ولمس ثوبه وإنه يسافر لآخر الدنيا هرباً من الناس فيجدهم يلاحقونه في كل شارع وكل سكة(!!)
تجريم الانتهاز وتثقيف المجتمع وتنويره وخلع نظارته التي لا يرى فيها إلا جانبا واحدا، وجعله يرى زوايا الأمور مجتمعة أمر مهم للغاية، وهو هدف لا بد أن تعمل عليه مؤسسات الدولة مشاركة مع مؤسسات المجتمع المدني؛ فالإصلاح الأخلاقي يبدأ من إيمان وإدراك أفراد المجتمع بأهمية الشفافية والنقد الموضوعي ومحاربة الانتهازيين الذين يقفون حجر عثرة في طريق الإصلاح الحقيقي الذي نتطلع إليه.
بعض الانتهازيين يرتدون قبعة الناصح الحصيف العارف ببواطن الأمور، يتصف هؤلاء بالقدرة البائنة على تمرير مصالحهم أو التنفيس عن مواقفهم الساخطة واستخدام أساليب هابطة في الانتقام وتصفية الحسابات!! لا يلتفت هؤلاء حين تأتيهم الفرصة لأي مصالح عليا فالمهم أن ينتهزوا كل متاح ويطوعونه لمصالحهم الخاصة التي تعلو ولا يُعلى عليها!!
لذا، فإن مطالبة الأستاذ البليهي بتجريم الانتهاز مطلب ملح وضروري وإدانة هذا السلوك الانتهازي من قبل كافة أفراد المجتمع والإشارة إليه علناً وكشف جوانبه للناس يعد من أهم الوسائل الناجحة في القضاء عليه فالانتهاز مسلك غير حميد وهو مظهر فساد لابد من محاربته بشتى الطرق.