Al Jazirah NewsPaper Sunday  11/07/2010 G Issue 13800
الأحد 29 رجب 1431   العدد  13800
 
التحالف مع الشيطان.. أم فيما بين الشياطين؟!
د. وحيد بن حمزة عبدالله هاشم

 

قد تختلط علينا الأمور والأحداث؛ وبالتالي ليس من المستغرب أن تختلط علينا تطوراتها وتداعياتها ومؤثراتها، ومن ثم نتائجها، تحديداً قد يحدث هذا عندما تختلط مدخلات الأحداث من مصادر مختلفة، أو فيما لو تعددت تلك المدخلات؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى اختلاط مخرجاتها، ومن ثم مؤثراتها.

هذا ما يمكن أن نتلمسه في تطورات بعض الأحداث الخطيرة في المنطقة، على وجه الخصوص ما يقال عن وجود علاقة مباشرة (أو غير مباشرة) بين كل من إيران وتنظيم القاعدة الرئيسي في أفغانستان، وأيضاً بين إيران وفروع تنظيم القاعدة الموجودة من الباكستان إلى العراق، ومن ثم، من شبه جزيرة العرب وحتى الجزائر والمغرب وموريتانيا.

ولعل المراقب لما يجري من تطورات أحداث مختلفة، مرتبطة بذلك الحدث، وأعني به حدث التحالف بين إيران وتنظيم القاعدة، قد لا يجد في تلك النظرة، أو النظرية أي غرابة، بل قد يجد فيها شيئاً من الحقيقة، هذا إن لم تكن الحقيقة بذاتها، ولا سيما بعد أن تتكشف غوامض بعض الحقائق وتتواصل المعلومات التي تشير إلى وجود مثل ذلك التعاون أو التحالف الإيراني مع تنظيم القاعدة.

السبب أن تطورات الأحداث الدولية مع الإقليمية وبروز حقائقها وتعقد ملابساتها قد تستدعي بلورة مثل ذلك التحالف الشيطاني؛ فعدو عدوي قد يصبح صديقاً لي بحكم الضرورة. وتحالف الأضداد، أو حتى الفرقاء، قد يغدو مطلباً مصيرياً ملحاً، بل واقعا استراتيجياً لا غنى عنه حباً في البقاء، خصوصاً في ظل وجود مصدر واحد لخطر مشترك يمثل لها تهديداً مباشراً لمصالحها ولوجودها بل ولبقائها؛ إذ لا شك أن كثرة الضغوط الإقليمية والدولية على إيران، خصوصاً من الغرب بسبب برنامجها النووي، إضافة إلى تخوفها من تلقي ضربة عسكرية إسرائيلية قريبة، لا يقل عن مخاوف تنظيم القاعدة من المضي قدماً في حالة التقهقر والهزيمة وصولاً إلى الانهيار بعد أن توالت على التنظيم الضربات الإقليمية والدولية، خصوصاً في بلاد اليمن.

من جهتها تحاول إيران دفع حزب الله اللبناني للقيام بمواجهات استفزازية وعمليات ميدانية في الجنوب اللبناني لتخفف عنها الضغوط الدولية والإسرائيلية أو لتصرفها عنها مؤقتاً، في ذات الوقت الذي تحرك فيه أتباعها وأعوانها في العراق للقيام بعمليات انتحارية أو استفزازية مهمتها إثارة الفتن وتوسعة ذلك إلى خارج العراق. هنا تحديداً يقال حقاً إن أتباع إيران قد تحالفوا بالفعل مع عناصر تنظيم القاعدة من أجل توحيد جهودهم ضد عدو مشترك.

تنظيم القاعدة من جهة أخرى، يسعى بكل الوسائل والسبل، أياً كانت، لوقف انهياره والتقاط أنفاسه من نزفه الحاد بعد أن أصبح مطارداً في كل أنحاء العالم، وفي المنطقة تحديداً في العراق وفي شبه الجزيرة العربية، (اليمن على وجه الخصوص) بعد العمليات الأمنية اليمنية الفاعلة التي وضعت التنظيم وعناصره وأتباعه ومؤيديه، بل حتى المتعاطفين معه، بين المطرقة والسندان.

قد تفسر التطورات هذه، التي بدأت تتجلى ملامحها في الأشهر الأربعة الماضية، الإجابة عن السؤال: لماذا تتحرك إيران وتنظيم القاعدة لتهريب المخدرات والسلاح والمتفجرات إلى الباكستان والدول العربية تحديداً اليمن والمملكة العربية السعودية؟ وأيضاً السؤال: لماذا يحاول الطرفان توظيف ضعاف العقول للقيام بعمليات انتحارية كما حدث في الباكستان والعراق مؤخراً؟. أخيراً قد نجد الجواب عن السؤال: لماذا بدأت سياسة حيلة الضعيف تطغى على مخططات الطرفين، خصوصاً تنظيم القاعدة، بتوظيف وتجنيد النساء والأطفال للقيام بعمليات انتحارية ضد أي أهداف مدنية كانت أو غير مدنية؟

من هنا يمكن القول: إن سياسة التحالف مع الشيطان التي وجدت على مدى التاريخ وأعلنها صراحة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل، لا يمكن أن تندثر أو تتلاشى من متون العلاقات العامة والخاصة، ولا من عرين السياسات الدولية، تماماً كسياسة تحالف الشياطين بعضهم مع بعض بهدف زرع الفتن ونشرها وتهديد أمن واستقرار الدول والشعوب الآمنة.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد