نشير هنا إلى ثلاثة مبادئ تتردد من حين لآخر في المجال الإداري والوظيفي أحدها أن (الوظيفة تكليف لا تشريف) ومبدأ آخر وهو أن (الوظيفة أمانة وعطاء) ومبدأ ثالث وهو أن (الوظائف والمراتب للأعمال وليست للأشخاص) وهي ...
مبادئ تحمل معاني كبيرة ودلالات واسعة، وفي العصر الإسلامي الزاهر كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحرص على تولية ذوي الكفاءة في المناصب العامة بدليل أنه امتنع عن تولية أبي ذر الغفاري مع مكانته لديه عليه السلام لإدراكه بقوة عاطفته وضعفه، كما أن هذا المنهج النبوي قد طبق من قبل الخلفاء الراشدين إلى درجة أن هؤلاء الخلفاء كانوا يباشرون الخدمة العامة بأنفسهم للفقراء وكبار السن، بل إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد ذهب إلى ما يتجاوز ذلك عندما كان يبدي تخوفه من أن يكون قد قصر في تمهيد الطرقات للحيوان وكان يخشى من مساءلته يوم الحساب عن تقصيره في ذلك.
وهذه المبادئ تعني الكثير من المعاني منها:
- إن الوظيفة العامة خدمة وعطاء وليست سلعة أو مظهراً أو شكلاً أو (بريستيج) كما يقال.
- إن الوظيفة هي الأصل والأساس والموظف هو الفرع إذ لولا وجود الوظيفة لم يوجد الموظف.
- إن المزايا المادية والمعنوية للوظائف وليست للأشخاص، فزيادة الراتب أو خفضه ووجود البدلات أو انعدامها مرتبط بمهام الوظيفة، فبعض الوظائف تعتبر ذات أهمية أو ذات حساسية وتتطلب تأهيلاً معيناً مما يعني زيادة راتب شاغلها أو منحهم مزايا إضافية، وبعض الوظائف ذي طبيعة عادية لا تتطلب راتباً مميزاً أو مزاياً أخرى.
- إن للوظيفة مهام وواجبات مشتركة منها ما يخص الوطن بناءً ودفاعاً ومنها ما يخص المواطنين حماية ورعاية وخدمة متعددة كالتعليم والصحة والطرق والاتصالات والإعلام والعدل والماء والكهرباء ونحو ذلك.
- إن الموظف حين يقدم الخدمة الوظيفية حسب متطلبات ومهام وظيفته سواء لوطنه أو لمجتمعه لا يقدمها تفضلاً أو منّة منه بل إن واجبات الوظيفة التي يشغلها ويتقاضى راتبها ومزاياها تتطلب منه ذلك طبقاً لمبدأ (الأجر مقابل العمل).
وقد اهتمت الأنظمة الوظيفية في بلادنا بهذه المبادئ وبالذات منذ صدور نظام الموظفين العام في بداية سنة (1391هـ) حيث ركزت على الوظيفة من حيث التحديد الدقيق لواجباتها ومهامها والمؤهلات اللازمة لشغلها والحرص على أن يتم إحداثها في إطار الحاجة الفعلية، فقد جعلت قواعد التصنيف الوظيفة هي الأساس والأصل حيث وضعت لها المؤهلات والتدريب والخبرات اللازمة لشغلها بحيث يسعى من يرغب في شغلها إلى الحصول على تلك المتطلبات.
كما أن حكومة بلادنا تؤكد من حين لآخر على ضرورة شغل الوظائف العامة بالأشخاص المعروف عنهم كفاءتهم وانضباطهم وحسن تعاملهم وأمانتهم وقصر المزايا الوظيفية من ترقية ونحوها على ذوي الكفاية من الموظفين، وهو دليل على تبني الدولة لمبدأ الجدارة في شغل الوظائف التي نصت عليه الأنظمة الوظيفية وعدم الاستثناء منه.
ويتطلب العمل بهذه المبادئ ما يلي:
- قيام الموظف بأداء عمله بصفة أمينة ودقيقة ومخلصة.
- شعوره بأن قيامه بعمله بالصفات المشار إليها واجباً عليه لقاء تقاضيه راتبه من ناحية، وواجباً عليه كمساهمة منه في خدمة وطنه.
- تفرغه لعمله واعتباره حرفته الأساسية والوحيدة وذلك بعدم جمعه بين وظيفتين أو ممارسته عملاً تجارياً أو مهنياً.
- احترامه لرؤسائه وتنفيذ تعليماتهم بعد مشاركته في إبداء الرأي وتقديره لزملائه وتعاونه معهم لما فيه خدمة مصلحة العمل.
- تعامله مع المراجعين بالأخلاق الفاضلة والاستقبال الجيد والمساواة وتحمله وصبره على ما يصدر من بعضهم من إلحاح أو عتاب أو نقد.
Asunaidi@mcs.gov.sa