لا أريد أن أظلم السفارات السعودية بحديث عام أو بقصص تفتقر إلى الواقعية ولكنني سأكتفي بما صح منها ولامس بعمق ضمير كل مواطن سعودي (حي) جارت عليه الظروف خارج هذه البلاد.
في كل عام نسمع الكثير من اللغط هنا وهناك عن مواقف (قهرية) تضيع فيها الحقوق وتنتهك، بطلها في كل (علقة) هو المواطن (المسكين)، وتدور حبكتها حول إهمال السفارات وظلمها وهضمها لحقوق المواطنين في الخارج بغير وجه حق !، ومن باب العدالة والمسؤولية ألا يسوق المرء ما يسمعه من هذه الحكايات إلا بعد التثبت منها بدقة؛ في حين سلمت جدلاً بعدم صحة المثل السائر (لا دخان بدون نار)، مع أن المشاكل في كل عام تتفاقم ويزداد حجمها ويتفرع عن بعضها عقد أخرى قد يصعب حلها، كل هذه الأمور وغيرها تكبر مع الزمن لتصل إلى مرحلة ميئوس منها بحيث لا يجدي معها أي علاج.
في حديثي سأبتعد عن الدخان وسأحاول الاقتراب من نار الحقيقة لعلها تضيء لي بعضاً من دروب الوضوح، وسأحكي عماَّ ما واجهه شقيقي شخصياً في بريطانيا صيف العام الماضي من الاعتداء بالضرب عمداً من قِبَل شباب بريطانيين بشكل (هيستيري) ومن دون مبرر!؛ عندما سارعت الشرطة البريطانية بأداء واجبها لتباشر الحادث وتعزوه للمجهول !، حيث أفادني ضابط الشرطة بأن أجهزة (cctv) أي كاميرات المراقبة المنتشرة في كل مكان في عاصمة كاميرات المراقبة ! لم تتمكن من القبض على الجناة لذا لن تتم إحالتهم إلى التحقيق وأرجئت القضية إلى المجهول لسبب بسيط أن المعتدى عليه (سعودي) فقط !، وسبب صغير أيضاً وهو الأزمة الاقتصادية العالمية والبطالة في بريطانيا ؟!!، أما السفارة السعودية فآثرت ترديد (أحمد ربك) واكتفت بالصمت بعدها، فهل لو تعرض أي سائح بريطاني في المملكة لمثل هذا الموقف فهل سيكون التعامل معه كالحادث السابق وستدعه السفارة البريطانية يمر مرور الكرام ! وستكتفي بالقول عوضاً عن الفعل كما كان من السفارة السعودية في لندن أم أن الموضوع سيأخذ أبعاداً أخرى أكثر جرأة وعفوية، أسئلة كثيرة (حائرة) سأترك الإجابة عليها للمسؤولين في السفارة السعودية في بريطانيا العظمى !.
لا أعلم ما هو السر في توارث السفارات السعودية (للامبالاة) وبالأخص سفارات الدول الأوروبية والعربية !، أم أنها آثرت سياسة النوم العميق إلى أن تأتي الطامة الكبرى !.
ترددت كثيراً قبل أن أكتب عن هذا الموضوع فقد مضى عليه عام كامل ولكن شجعتني حرارة الصيف إلى التطرق إليه لأني لا أريد أن يتعرض المواطنون السعوديون لمثل هذه المواقف التي تفقدهم قيمتهم وثقتهم بأنفسهم كسعوديين.
(أنا أسمع لا أتهم -إن شاء الله- إن بعض السفارات تغلق أبوابها وهذا لا يجوز أبداً... أي فرد يأتيكم مهما كان اعرفوا أنه من الشعب السعودي وأنا من الشعب السعودي، وهو ابني وأخي، قدروهم واحترموهم لتحترمنا الشعوب...)، كلمات من ذهب سجلها التاريخ لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، خاطب بها السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية في قصره بالرياض، ناصحاً ومحذراً وموجهاً؛ لأنه يرى نفسه مواطناً قبل أن يكون -حفظه الله- ملكاً، كيف لا وهو الذي عودنا على تلمس احتياجات أبنائه المواطنين ونصر ضعفائهم، وكلنا أمل بعد هذا التوجيه الكريم أن يتخذ السفراء في الخارج من كلماته أيده الله نبراساً يسيرون عليه.