بالتأكيد أن جامعة الملك سعود قد فاجأت المجتمع السعودي بصناعتها (غزال1) كونها أول سيارة يتم صناعتها بالمملكة وأنشأت لذلك مصنعاً جامعياً وحشدت فريق عمل من كلية الهندسة بالجامعة واستعانت بخبراء وفنيين من خارج الجامعة... وأيضاً بالتأكيد أن د. خالد العنقري وزير التعليم العالي، ونائبه د. علي العطية، ومدير الجامعة د. عبدالله العثمان، والمشرف على مشروع (غزال1) المهندس د. علي الغامدي وكيل الجامعة، أن هؤلاء جميعاً لا نية لهم لإنشاء مصنع سيارات إنتاجي يقوم بالتصنيع والإنتاج إذن لماذا صنعت جامعة الملك سعود سيارة؟!
ليست لدي الإجابة القاطعة فهي لدى من تبناها ودعمها د. العثمان والمشرف على المشروع بحسب تخصصه د. علي الغامدي على الأقل من حيث الفكرة والفلسفة.. لكن يمكن التفهم إلى الخطوات التي سعت إليها جامعة الملك سعود في صنع سيارة (غزال) وما تهدف إليه في كسر الحاجز النفسي والمهني لصناعة السيارات في المملكة والتي تأخرت كثيراً. والشروع في إنشاء مصنع تعليمي لطلاب وباحثي كلية الهندسة على غرار المستشفيات التعليمية. وأيضاً رفع سقف التصنيع والانتقال من الصناعات التقليدية البسيطة إلى المجتمع الصناعي. والبدء في تأسيس البنية التحتية لصناعات السيارات من قطاع الغيار وإكسسوارات السيارة وتنشيط الشراكة مع شركة سابك التي يمكنها أن تؤمن معظم أدوات السيارة التصنيعية وفتح مجال التدريب والممارسة للعديد من العاملين في مجال الصناعة أو تجميع السيارات... وفتح المجال أمام المصانع لتكون خط إنتاج لأدوات السيارة.
ورغم التفهم إلى هذه المبررات التي قد لا تحتاجها جامعة الملك سعود التي وجدت نفسها وسط نجاحات الكراسي البحثية التي وصلت إلى حوالي (107) كرسي ومشروع وادي الرياض وجدت نفسها مدفوعة في مشروع غير متوقع يمكن أن يكون مشروعاً حكومياً للسيارات العسكرية والحافلات وغيرها ووسط هذه المبررات أتوجه للقطاع الخاص وحتى القطاع الحكومي وأقول: إذا كانت جامعة الملك سعود قد أطلقت شرارة أو شعلة صناعة السيارات تحت أي ظرف أو فلسفة لتجسد السيارة الأولى في المملكة رغم وجود المصانع والشركات الكبرى والمهندسين والفنيين في بلادنا إلا أن سقف طموحنا محدود جداً ويقف دائماً عند حدود الصناعات التقليدية من سعف النخيل والمعجنات الغذائية والألبان وفي أحسن الحالات مكيفات صحراوية والمنتجات الخشبية من أثاث وإكسسوارات باستثناء منتجات سابك والصناعات النفطية لنبقى سوقاً كبيراً لنفايات مصانع العالم وكل الصناعات الرديئة والمستهلكة.
فلماذا لا يتبنى القطاع الحكومي والقطاع الخاص هذا المشروع وينفذه... جامعة الملك سعود فتحت باب صناعات السيارات والصناعات المرتبطة بكرامة الأمم والشعوب وسيادة الدول التي تتحدث عن الصناعات النووية السلمية لإنتاج الطاقة الكهربائية والمياه وحل المشكلات التقنية والدول التي تدعم اقتصادها المحلي بالصناعات الثقيلة والنوعية... نحن لسنا في حالة منافسة في صناعة السيارات مع أمريكا أو ألمانيا أو اليابان أو كوريا ولكن لدينا جيل من المهندسين لديهم الطموح والآمال وكليات للهندسة بحاجة إلى مصانع جامعية للأبحاث والتدريب وتنفيذ مشاريع التخرج لذا فإن سيارة غزال جاءت متأخرة جداً وأيضاً رجال الأعمال في بلادنا ما زالوا في مرحلة الاستيراد و(الاستقدام) ولم يتجاوزوا تلك المرحلة التي ستبقينا في الفارق الزمني والحضاري بين الشعوب التي بنت اقتصادها وسيادتها من صناعاتها ومن اقتصاد المعرفة.