هؤلاء البشر الذين يدبون على الأرض، يعمرونها، ويبعثون فيها الحيوية، بل يجعلون حركتهم وأصواتهم وتفاعلهم تسري فيها وتوقد جمالها وتهيئها للنماء، وللإثمار، ..لكن الإنسان الفرد بات يشكو الهجاج من سطحها، وغالبا ما يحلم بالرقاد تحت ثراها، لما اعتراه فيها من الخوف والمرض والحرب والفقر والجهالة وسوء النوايا، وتسلط الدنيا على كل قوة فوقها.
ولا أدل على حاجة الأرض للسلام إلا ما يطلقه الإنسان في جماعاته الرسمية أو جماعاته ذات الرسائل الخاصة فوقها من أسماء لأيام يعينها ذاتها خلال السنة يمر يومها وشهرها بها، فيوم السلام العالمي، ويوم الأرض، ويوم الطفولة، ويوم الحقوق - بتخصيصها - ويوم مناهضة التعذيب، ويوم الغذاء، ويوم الأم، ويوم ذوي الحقوق الخاصة، وهكذا، مما يستخلص من فقد أصاب الإنسان فوق الأرض لكل قيمة ينشدها اليوم المخصص لها، لأن مجرد التذكير بها مرة في السنة، فيه ما يؤكد فقد الإنسان لمضمون ما يراد من التذكير به في يومه المحدد له.
ُفنظرة ُ تمَعُّنٍ في مسميات الأيام تمنح النفوس القلق على فراغات كالثقوب، وندوب كالثغرات في تركيبة البشر من قيم وسلوك وأخلاق وممارسات ومنهاج..
ومادام الناس تعرف الحاجة، وتنشد التفكر فيها وتذكرها .. فلماذا لا تسددها عمليا، وتمارسها واقعا بدل أن تنعى فقيدا بعد أن تغتاله..؟