الجزيرة - عبدالعزيز العنقري
توافقت دول مجموعة العشرين على تخفيض الدعم المقدم لاسعار الوقود الاحفوري والذي تم الحديث عنه في قمم سابقة مما يشكل اتجاها نهائيا لذلك الخيار الذي اصبح واقعا يسير باتجاه الهدف النهائي وهو إلغاء كافة اشكال الدعم بشكل نهائي في العام 2020م ويعد هذا الاتجاه تحولا مهما في واقع ومستقبل الوقود الاحفوري ومحاكيا لتوجهات الرئيس الامريكي اوباما الذي كرس في حملته الانتخابية التركيز على ضرورة تحسين أوضاع المناخ بتخفيف حدة الانبعاثات الغازية من خلال تقليل الاعتماد على الوقود الاحفوري.
وفي وقت تقدم دول العالم مجتمعة دعما سنويا لأسعار البنزين يقدر بحوالي 300 مليار دولار سنويا فإن ذلك الدعم لعب دوراً مهماً في رفع استهلاك الطاقة بشكل كبير وخوفاً على نضوبها بأسرع من التوقعات فإن خبراء نفطيون يرون أنه من الضروري ان تكون أسعار الطاقة عاكسة لقيمتها الحقيقية على المستهلك مما يقلل الاستهلاك بشكل يضمن عمرا اطول لها خصوصا مع نضوب الكثير من الحقول بدول متعددة وتراجع حدة الاستثمارات بمجال التنقيب عن النفط بجانب آخر.
وبالنظر إلى أكبر الدول نموا بالاستهلاك فإن الصين التي تتسارع فيها وتيرة الاستهلاك بشكل كبير جدا فإن قرارها الأخير بفك ارتباط عملتها بالدولار مع البدء بتوسيع هامش الحركة عليه حاليا مما يسمح بارتفاعه فإن من شأنه أن يعزز قدرات المستهلك الصيني على الانفاق مما يعني صرف أكثر على الوقود وهذا بدوره سيرفع الاستهلاك والطلب في آن معا ولكنه سيلعب دورا برفع الأسعار عالميا؛ فمؤيدو هذه النظرية يرون الصين قد تسهم بطلبه المتزايد إلى رفع الأسعار مجددا إلى نحو 100 دولار لكن تخفيض مستويات الدعم المقدمة حاليا من قبل الحكومة الصنينة سيعيد التوازن للاستهلاك المحلي هناك وسيقلل من أثر تغير سعر صرف العملة الصينية.
وفي خضم خشية دول اوبك من تراجع اسعار النفط نتيجة هشاشة نمو الاقتصاد العالمي التي تعززت اليوم بتراجع الإنتاج الصناعي الصيني مما شكل قلقا بأسواق النفط أدى إلى تراجعه دون 75 دولار فإنهم ينظرون إلى مستقبل توسيع عمليات الإنتاج بزيادتها أصبح أمرا صعبا في ظل تعدد الظروف التي لا تخدم إنفاق مئات المليارات على ذلك فإذا كان الاقتصاد العالمي ضعيفا والتوجه نحو تخفيف استهلاك الطاقة الاحفورية فإن أي زيادة بالإنتاج أو توسع بعمليات التنقيب للاستخراج تعد هدراً مالياً ومغامرة مكلفة فلا بد من دراسة أوضاع السوق إذا ما تغير المزاج العام لاستهلاك النفط تحديدا وعلى النقيض فإن دولا اخرى من داخل أوبك ترى في الأمر جوانب إيجابية لا بد من النظر إليها وتتمثل بطول عمر الطاقة وكذلك التوجه نحو استثمار الفائض بالإنتاج الذي تملكه حاليا لصناعات بتروكيماوية وبترولية أكثر فائدة ومردودا على الاقتصاد من خلال ضخ الاستثمارات وتوفير فرص وظيفية لمواطنيها ويبقى لتبعات هذا القرار جوانب عديدة لن تتضح صورتها إلا بعد ان تلمس الآثار الأولى له والتي قد يمتد انتظارها لعام أو عامين على أقل تقدير.