تحليل: وليد العبدالهادي *
بدأ المستهلك في بريطانيا يعتني بدخله ويمسك عن الإنفاق وأرقام التجزئة، إضافة إلى أن معظم المؤشرات الاستباقية أخذت مسارا هابطا منذ أشهر عدة في اليابان. واتفقت القارة المنكوبة (أوروبا) بشكل ضمني على خفض الإنفاق بشد الأحزمة والاعتماد على النفس والتخلص من هوس الانتعاش، والأهم من ذلك كله هو أن قمة العشرين انتهت دون حسم للخلافات التي سبقتها، بل ازدادت بعض التكتلات جرأة في الاستقلالية بالرأي ومراعاة خصوصية اقتصادها المحلي؛ مما أثار الغضب لدى صناع الأسواق المالية. ولمزيد من التفصيل دعونا نأخذ جولة اقتصادية نروي من خلالها أحداث هذا الأسبوع؛ لنعرف ماذا يدور خلف أهم العملات الأجنبية في العالم.
الدولار الأمريكي
أنهت هذه العملة المحظوظة النصف الأول من عام الدولار بالقرب من آخر قمة لها دون تكلف بسبب جاهزية الأخبار السلبية المغذية لها، وتمكّنت العملة الخضراء من تأسيس دعم جيد عند 85 أمام سلة عملاتها والمحافظة على الاتجاه الصاعد، ويرجح أن يستهدف أرقاما جديدة تتخطى حاجزا نفسيا جديدا (التسعينات) خلال بضعة أيام، خصوصا مع ضعف عمليات الشراء في الذهب الذي حقق قمة جديدة مؤخرا عند 1265 دولارا للأونصة، واتضح أنها هزيلة وفق مؤشرات العزم، وبدأت السيولة تتكدس فقط في الدولار. أما النفط ممثلا بخام نايمكس فطالما الدولار في صعود مستمر فلا مكان للمضاربين، خصوصا صناديق التحوط، والصورة تشير إلى إمكانية رؤية مستوى 62$ للبرميل خلال بضعة أسابيع، حتى انخفاض مخزونات النفط الأمريكية بقيمة مليونَيْ برميل لم يغرِ المتعاملين في إبرام عقود لافتة بغرض المتاجرة.
الاستهلاك الشخصي على السلع والخدمات شاملة مدفوعات الدين على المقياس السنوي ولشهر مايو نمى بشكل طفيف إلى 1,3 %، بما يظهر أن الفرد ما زال ينفق لكن بوتيرة أقل، طبعا مخصوما منها مدفوعات الرهن العقاري. ويمكن أن نعزو هذه الوتيرة إلى أن الدخل الشخصي أظهر ثباتاً عند نفس نموه السابق 0,4 %، أيضا ثقة المستهلك للشهر الحالي هبطت هبوطا قويا ومفاجئا من 63.3 إلى 52.9، طبعا هذا الانطباع من شأنه أن يجعل المنتجين يرغمون على إعادة النظر في طاقتهم الإنتاجية؛ حيث يتوقع أن تنخفض إنتاجية الشركات؛ وبالتالي يؤثر على نموها في السوق، والدولار هو المستفيد من كل ذلك.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي
شكّل قمة هابطة جديدة عند 1.246، وهو يجري عمليات جادة للعودة دون مستوى 1.20 وإكمال مسيرة الهبوط، وحتى الآن الجولة لصالح البائعين، وسيواجه المشترون متاعب كبيرة للتخلص من الاتجاه الهابط الراهن، والهدف الأسبوع القادم 1.193.
الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي
اخترق الاتجاه الهابط الفرعي عند 1.49، لكن مهمة تأكيد الاختراق لم تنتهِ بعد، ويُرجَّح نجاحها والوصول إلى مستوى 1.52، وما زال الأنشط بين الأزواج، أما العزم فيظهر مؤشر القوة النسبية أن الزوج في مرحلة الاستعداد لتشكيل قمة صاعدة قريبا.
الدولار الأمريكي
مقابل الين الياباني
سلبية الأخبار التي تملأ طوكيو تدعم موقف الين، والطلب عليه بدأ يرتفع، خصوصا أمام الدولار، حيث هبط الزوج إلى 88 وهي منطقة حرجة حيث القوتين (البيع والشراء) تراهنان على هذه المنطقة، لكن يرجح المزيد من الهبوط إلى 86,7 الأسبوع القادم.
اليورو
أسعار المستهلكين في ألمانيا على المقياس السنوي لشهر مايو تقف دون تغير، ويشير ذلك إلى تراجع في النمو وهبوط طفيف في معدل التضخم، لكن الجيد هذا الأسبوع أن معدل البطالة في ألمانيا توقف عند 7 %، لكنه بطبعه مؤشر متأخر خصوصا لعشاق الأصول ذات العائد المرتفع. أما في سويسرا فأظهر المؤشر القائد الذي يرصد اتجاه الاقتصاد ارتفاعا من 2.16 إلى 2.25، وربما يكون هناك انتعاشة خلال الأشهر الثلاثة القادمة، وهي أهم المواسم السياحية في البلد، واتفقت القارة بشكل نهائي على خفض الإنفاق وشد الأحزمة والاعتماد على النفس والتخلص من هوس الانتعاش.
الجنيه الإسترليني
ائتمان المستهلك البريطاني ارتفع 0,3 %، ويدل ذلك على أن مستوى المديونية لأجل شراء السلع والخدمات انخفض، وبدأ المستهلك بالإعراض عن الإنفاق، وهذا من شأنه أن يضيف إشارة سلبية جديدة إلى أداء المصارف العاملة في المملكة المتحدة ومؤشر (الفوتسي) للأسهم عانى من الخبر، ولا ننسى نتيجة مؤشر (nationwide ) لأسعار المنازل في الشهر الحالي؛ حيث تراجع نموه من 9,8 % إلى 8,7 % مع تراجع مسبق في عدد الموافقات على القروض العقارية (القطاع الأهم بالنسبة للناتج المحلي)، والمنطقي أن الجنيه يرتفع أمام الدولار عند صدور خبر مثل تخفيض الإنفاق الحكومي؛ وبالتالي تتراجع شهية التداول في سوق الأسهم، وهذا ما حدث.
الين
أرقام التجزئة على المقياس السنوي تظهر تراجع 2,8 % لشهر مايو، وهو دليل على أن حجم الطلب على السلع اليابانية تراجع مؤخراً، وهذا ساهم في خفض شهية المخاطرة في الأصول ذات العائد المرتفع مثل الأسهم، وساهم ارتفاع معدل البطالة إلى نسبة جديدة 5,2 % مقارنة بالقراءة السابقة عند 5,1 % حتى الإنتاج الصناعي تراجع 0,1 %، ومعظم المؤشرات الاستباقية في الاقتصاد الياباني مثل الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة في مسار هابط بسبب تراجع الطلب من خارج البلاد (الصين وأمريكا)، وبذلك تراكمت الطلبات على الين خصوصا أمام الدولار، مع تصفية المراكز من أسواق الأسهم.
(تم إعداد هذا التقرير منتصف جلسة الأسواق اليابانية يوم الخميس الساعة 7 صباحا بتوقيت جرينتش)
* محلل أسواق المال