Al Jazirah NewsPaper Saturday  03/07/2010 G Issue 13792
السبت 21 رجب 1431   العدد  13792
 
بقلم تنفيذي
وزارة المشاريع
م. عمر الأيداء

 

قال لي أبو محمد (أحد الزملاء) متضايقاً: «يا أخي ما هي راضية تنتهي ذا الحفريات اللي قدام بيتنا»، فسألته: ولماذا؟، قال: «في البداية حفريات توصيل الكهرباء لجارنا الجديد، وبعدما انتهوا بدأت حفريات المياه، وبعدها حفريات الهاتف، والحين حفريات الصرف ومنذ سبعة أشهر وحنا حفريات في حفريات، ما نعرف ندخل البيت، والوالدة الله يستر عليها ما تعرف رياضة قفز الحواجز (ثقافتها سباحة)، وإذا فقدناها لقيناها في إحدى هالحفر».

كما ذكر لي أبو صالح قصة أخرى جميلة، عند توصيله لابنته لينا، التي تدرس في إحدى المدارس الحكومية، يقول: «أمام المدرسة براحة (أرض فضاء)، ويستخدمها أولياء الأمور والسائقون في إيقاف سياراتهم عند توصيل بناتهم، مما يحدث عاصفة رملية أخرى (وحنا ناقصين عواصف رملية) غير اللي تعودنا عليها في أجواء الرياض، مما يشوه جمال المدرسة ويسبب اختناقا». ولحرصه الشديد - جزاه الله خيرا - على إيجاد حل للموضوع تكلّم مع إدارة التعليم؛ حيث إنها مرفق عام ومواقف للمدرسة حسب المخطط، وأخبرته إدارة التعليم بأن كل ما هو خارج سور المدرسة ليس لهم علاقة به، وأن هذا المرفق يتبع للبلدية؛ فذهب إلى البلدية (مواطن مخلص)، فأخبروه سريعاً بأنه ليس من اختصاصهم، وهكذا، وهناك الكثير من الأمور الشبيهة... فما الحل؟

فعلاً ما الحل؟.. كثير من المشاريع تتأخر، وكثير من المشاريع تُنفَّذ أكثر من مرة، وكثير من عدم التنسيق يحدث، وكثير من السلبيات تقع، فلا تُنفَّذ المشاريع كما ينبغي، وإلا لما حدثت بعض الكوارث الأخيرة، وأيضاً هناك الكثير من المشاريع الحكومية لم تُنفَّذ؛ فقد كشف ديوان المراقبة العامة عن وجود 3986 مشروعاً لم تنفذ بقيمة ستة مليارات ريال، في تقريره الذي رفعه إلى مجلس الشورى مؤخراً.. ما الحل؟

فمسؤولو التعليم مشغولون بتعليم أبنائنا وبناتنا، وليس لديهم الوقت لبحث مشاكل وتعقيدات المشاريع والتنسيق لها، والصحة أيضا مشغولة بما هو أكبر من ذلك، صحتنا وسلامتنا، فالمشاريع وتفاصيلها ومشاكل السيطرة على تنفيذها مالياً وفنياً ليست من عملهم، لا من قريب ولا من بعيد، وكذلك التعليم العالي، والاتصالات، والمياه، والزراعة، وغيرها من الوزارات التي لديها ما يشغلها، أو ربما ليس لديها الكفاءات المؤهلة..

أعتقد أن الحل هو إيجاد جهة واحدة مسؤولة، جهة تنسق مشاريع الدولة جميعها، جهة تستقبل مشاريع الجهات المختلفة، من بناء مستشفيات ومراكز صحية وتشييد مدارس وجامعات، ومن تمديد خطوط الكهرباء والاتصالات، والمياه، وأنابيب الصرف ومياه السيول، وبناء الجسور وغيرها من المشاريع المختلفة والكثيرة، جهة تنسق تلك الأعمال؛ لتتزامن المشاريع المشابهة؛ فلا تسقط والدة أبو محمد، ولا ينتظر هو سبعة أشهر لإيقاف سيارته أمام منزله، ولا يختنق أبو صالح، ولا تشوه مدرسة لينا.

جهة يكون منسوبوها من خبراء المشاريع في إدارتها فنياً ومالياً، جهة يتمتع مسؤولوها ومنسوبوها بالفَهْم العميق لتنفيذ محافظ المشاريع الإستراتيجية (Strategic Project Portfolio)، التي تعني ربط إستراتيجيات الدولة، والسياسة العامة مع ما ينفذ على أرض الواقع، وحصر التدخلات المالية والتنفيذية بين الوزارات والجهات المختلفة، وقبل ذلك ترتيب الأولويات في تنفيذ المشاريع.. جهة يكون منسوبوها لديهم الفَهم الكامل لعمليات تكامل المشاريع (Project Integration)، التي تعني ارتباطات المشاريع المختلفة مع بعضها بعضا، وسمِّها كما شئت، وزارة المشاريع، أو وزارة البنية التحتية، أو وزارة المناقصات، ولكن جهة واحدة فقط، وفي المقابل هناك مكاتب في جميع الوزارات والجهات المختلفة، مكاتب تتبع أعلى سلطة في المنظمة؛ للتنسيق مع وزارة المشاريع، التنسيق فقط.

فعند تنفيذ مشروع تعبيد الطرق مثلاً؛ وذلك تنفيذاً لسياسة الدولة في تعبيد الطرق في المدن والقرى وربطها بعضها ببعض، فلا بد من التوضيح أن هناك إستراتيجيات أخرى مرتبطة بها، ومن المهم جداً استحضارها عند تنفيذ هذه الإستراتيجية، (ولأنها تتبع جهات أخرى للأسف لا تستحضر)، كإستراتيجية إيصال الكهرباء للمنازل وإيصال خطوط الهاتف والاتصال، وإستراتيجية إيصال المياه، وإستراتيجية تصريف مياه السيول والصرف.. فوجود تلك الجهة الواحدة سوف تستحضر جميع الاستراتيجيات السابقة وغيرها؛ فتقل التكاليف وتختصر المدة، وتنفذ المشاريع على أكمل وجه وبجودة عالية؛ فهي تنفذ تحت إشراف وزارة المشاريع، تحت إشراف مسؤولين يتمتعون بثقافة عميقة في الإستراتيجيات العامة، وفَهم السياسات العامة وتحليلها، وعلى دراية بخطط التنمية، والمعرفة الاحترافية في تنفيذ محافظ المشاريع الإستراتيجية، وليس تحت إدارة غير مؤهلة، ولكن «أعط الخبز للخباز، ولو أكل نصه»، نصه فقط، وحتى أيضاً - وهذا هو المهم - لا تسقط أم محمد؛ ليس لأنها غالية وحسب، ولكن تنفيذاً لإستراتيجيات الصحة، الوقائية والوقائية والوقائية، لكي لا تشغل سريرا وتُكلّف الميزانية الشيء الكثير، كان بالإمكان تفاديه من قبل.



alaidda@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد