عندما يشيد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب - قبل أسابيع - بجهود علماء المملكة في محاربة العنف والتطرف والإرهاب، وفي تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى الشباب، ونشر الأفكار الصحيحة التي تدعو إلى الحوار والتسامح والسلام، وتعكس قيم وتعاليم الإسلام الصحيح. فإن هذه الإشادة تعكس مواقف علماء المملكة في إيضاح حقيقة الإسلام، وغاياته السامية تجاه الحياة، والقضايا الجوهرية للسلم الأمني والاجتماعي.
من يقرأ في التجربة السعودية منذ بدايتها، ومروراً بأحداث الحادي عشر من سبتمبر، وإلى يومنا هذا، يلحظ الجهد الكبير الذي تبذله الدولة عبر إستراتيجية شاملة، تعتمد المواجهة الفكرية والمناصحة، بنفس دور الاهتمام بالتعامل الأمني؛ من أجل تحقيق الأمن العام، وقطع دابر الإرهاب، واجتثاث جذوره.
لطالما أكد العلماء الغايات السامية للإسلام، وتصحيح صورته. إذ إن الإرهاب من جرائم العصر، لا دين له ولا وطن، والإسلام بريء منه فكراً وسلوكاً. - كل ذلك - وفق برامج شاملة، وأسس علمية منهجية، من خلال الكشف على أسبابه وسبر دوافعه ومعالجته؛ ليؤكد هذا الموقف اتفاقه تماماً مع موقف الدولة، الرافض للإرهاب والتطرف والعنف، بكافة أشكاله وصوره.
هذا التحالف لم يأت مواكباً للأحداث التي وقعت في الأراضي السعودية، ومنها على سبيل المثال: التفجير الذي وقع في حي العليا بمدينة الرياض، في: 2-6-1416هـ، وتفجيرات مدينة الخبر، في: 9-2-1417هـ. بل جاء منذ البدايات الأولى السابقة لتلك الأحداث، حيث تم اعتماد العقوبة المغلّظة للإرهاب، حسب فتوى هيئة كبار العلماء، وذلك في فتوى الحرابة رقم» 148» لعام 1409هـ، الصادرة بالطائف، والتي أكدوا فيها، بأن: «الشريعة الإسلامية ترى الإرهاب عدواناً وبغياً وفساداً في الأرض، لأنه حرب ضد الله ورسوله». وقد صدر عن هيئة كبار العلماء - أيضا - بيان في: 6 - 4 - 1419هـ، وفيه:» ان المجلس إذ يبين حكم تكفير الناس بغير برهان من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وخطورة إطلاق ذلك؛ لما يترتب عليه من الشروط والآثام. فإنه يعلن للعالم أن الإسلام بريء من هذا المعتقد الخاطئ، وإن ما يجري في بعض البلدان من سفك الدماء البريئة، وتفجير للمساكن والمركبات والمرافق العامة والخاصة، وتخريب للمنشآت، هو عمل إجرامي، والإسلام بريء منه. وهكذا كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر بريء منه، وإنما هو تصرف من صاحب فكر منحرف وعقيدة، فهو يحمل إثمه وجرمه، فلا يحتسب على الإسلام، ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام، المعتصمين بالكتاب والسنة، المتمسكين بحبل الله المتين، وإنما هو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة».
لم تتساهل هيئة كبار العلماء - يوماً - في بيان الحكم والموقف الشرعي من الإرهاب. فهي خير من يدرك ويقدر أهمية الأمن والاستقرار للدولة والمجتمع. إضافة إلى نشر الفكر المعتدل، والوعي بمبادئ الإسلام التي خطّها ورسمها لأهله، وتحصين الشباب ضد الانغلاق.
أهم ما يمكن إضافته فيما تبقى من مساحة، هو: الإشارة إلى القرار - الأخير - الصادر من هيئة كبار العلماء، بشأن تجريم وتمويل الإرهاب، والذي اتسم بالصراحة والوضوح في بيان الحكم الشرعي من تمويل الإرهاب بجميع مقاصده؛ مما يستوجب تحية إكبار لهذه الكوكبة من العلماء، لدحضهم تلك الافتراءات والشبهات، والرد عليها وفقاً للمنهج القويم في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
drsasq@gmail.com