Al Jazirah NewsPaper Monday  28/06/2010 G Issue 13787
الأثنين 16 رجب 1431   العدد  13787
 
لماذا؟!
حولها ندندن
د. جواهر بنت عبد العزيز آل الشيخ

 

قُبيل الأسبوعين الماضيين، نشرت الصحف السعودية خبرا لفت كل حواسي البشرية، وهو خبر رعاية الأمير محمد بن نايف، مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية؛ تمارين وتخريج 15 دورة في اقتحام الجبال لمواجهة الفئة الضالة.

وحقيقة: فقد شعرت بألم عميق يشوبه الكثير من التساؤلات المريرة، لعل أهمها: لماذا يهدر بعض أبنائنا قدرات وطنهم في مقاومة أخطائهم غير المبررة على الإطلاق؟

فبدلا من تجهيز أمثال هذه الإمكانيات للأعداء الخارجيين، تضطر الدولة لمقاومة بعض أبنائها المضللين من أجل الحفاظ على أمنها الداخلي من خطر أبنائها أنفسهم؟!

والمؤلم في الأمر هو أن هؤلاء الأبناء يفترض فيهم أنهم أشخاص متدينون، والدين أعظم معلم ومهذب، وقد وضع لنا أسسا وقواعد الواجب عليهم أن يتبعوها وإلا فقد ضيعوا أنفسهم دنيا وآخرة، فماذا يريد هؤلاء على اعتبار أن رضا الله هو هدفهم؟ أهم يريدون الجهاد؟ الكل يعلم أن الإسلام إنما شرع الجهاد ضد الأعداء من غير المسلمين، وفي ساحة معركة حقيقية، وليس في داخل أوطانهم وضد إخوانهم!

حقا ماذا يريد هؤلاء؟ هل يريدون الإضرار بالوطن وتمزيق شمل الأمة الواحدة، وصرم الدولة الكبرى المتحدة إلى عدة دويلات متنافرة وقبائل متحاربة وطوائف متناحرة؟ هل هذا ما يريده أبناؤنا الذين نتوسم ولن نقول نتوهم فيهم الصلاح؟ هل يريدون تحريك سواكن الفتنة كما يسعى شياطين الجن والإنس دائما في كل زمان ومكان؟لا سيما وهم يعلمون حق العلم ما هو جزاء محرك الفتنة، وما هي نتائج تحريك الفتن، وما جارتنا العزيزة العراق والذي حدث ويحدث فيها من ويلات عنا ببعيد، وكذا بلاد الأفغان المسلمة التي هبت عليها عواصف الشرور والأطماع الأجنبية حينما اشتعلت الشرارة الأولى للفتنة الداخلية، بل لقد أضرت هذه الفئة المضللة بالدين والصالحين ضررا خطيرا دون أن يعيدوا حساباتهم.

إن هؤلاء الفتية ليسوا بفاسدين أو فاسقين كتجار المخدرات مثلا، فنشكك في ذممهم، إنما هناك من استغل حماسهم الديني وصغر أسنانهم وسطحية علمهم الشرعي، فجعلوا من أجسادهم الغضة جسرا لوصول غيرهم إلى ما يريد من مصالح ذاتية عميت تماما عن المصلحة العامة للوطن والمسلمين.

كم ندعو الله أن يصحو هؤلاء من نوم الغفلة، فإن كانوا يريدون الجهاد، فلا يجعلوا أوطانهم هي ساحة المعركة، ولا أجساد مواطنيهم هي الهدف الخاطئ، ولا يصنعوا من أرواحهم خراف فداء لكل استغلالي، فقتل المسلم حرام حرام، والتفجير في النفس انتحار نحو الهاوية، وجنود الأعداء بينكم وبينهم حدود وسدود، والجهاد يحتاج لراية موحدة وساحة حرب حقيقة مع جنود أعداء معتدين، وأن تكون القوى متكافئة أو متقاربة، هكذا عرفنا جهاد نبينا صلى الله عليه وسلم.

أما إن كان على الأخطاء فهي بالتأكيد موجودة في كل مكان، فلا توجد مدينة فاضلة، ولا عمل بشري متكامل، بل لا يوجد إنسان معصوم من الخطأ، لست أنا التي أقول ذلك بل قاله من هو أعلم مني ومنكم عليه الصلاة والتسليم: (كل ابن آدم خطّاء، وخير الخطائين التوابون).وليراجع كل منكم ومنا - أفرادا ومسؤولين - ذاته ويتفكر في أخطائه ويحاول تصويبها قبل أن يلقي باللوم على سواه، فلن يحاسب أي إنسان إلا عن نفسه فحسب، ?وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى?.فلماذا الاختفاء في غياهب الكهوف والتشرد بين الجبال وإعلان القتال على من حرم الله قتالهم، وفجيعة والديكم وأهاليكم فيكم، بينما أنتم تستطيعون نشر الإسلام بما هو أيسر من ذلك وأفضل، عن طريق العلم والتعلم، وحسن الخلق والدعوة إلى سبيل الله بالتي هي أحسن، وجهاد النفس قبل كل شيء وبعده، كما أن هناك العديد من المنابر التي تستطيعون إيصال أصواتكم وآراءكم إلى من تريدون ولكن بالسلم والأمان، وليس بحروب الجاهلية وفتنها وعداواتها التي هي الضرر دون نفع.



g.al.alshaikh12@gmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد