طالب المستثمر (وارين بافيت) الذي جمع ثروته من شركة بركشاير هاثاوي للتأمين والاستثمار، ومؤسس شركة مايكروسوفت (بيل جيتس) مئات المليارديرات الأمريكيين بوهب نصف ثرواتهم على الأقل لأعمال الخير. وكان (وارين بافيت) اتخذ قرارا في عام 2006 بالتبرع بنسبة 99% من ثروته للجمعيات الخيرية الأهلية. وصنفت مجلت فوربس (بيل جيتس) كأغنى ثاني رجل في العالم هذا العام بثروة بلغت 53 مليار دولار فيما حل (وارين بافيت) في المرتبة الثالثة بثروة قدرها 47 مليار دولار. وقدم (بيل وميليندا جيتس) حتى الآن أكثر من 28 مليار دولار لمؤسستهما الخيرية. ومنذ بدء المؤسسة أعمالها في عام 1994 وهبا أكثر من 22 مليار دولار لتحسينات صحية في دول فقيرة ولتحسين حصول الأمريكيين على فرص يحتاجونها للنجاح في المدرسة والحياة.
ما سبق هو أمثلة حقيقية لاثنين من أغنى أغنياء العالم وهم بذلك يكونا قدوة يحتذى بها في عمل الخير لكل الأغنياء حول العالم وقد وهبا جزءا من ثرواتهما لأعمال الخير وهم أحياء. ولدينا في المملكة نماذج مميزة لبعض محبي الخير، وكم أتمنى أن نسمع قيام عدد أكبر من أغنياء المملكة بوهب جزء من ثرواتهم لأعمال الخير وللفقراء والمحتاجين، فالدولة أعزها الله لا تقصر ولكن المشاركة في أعمال الخير من رجال الخير مطلوبة، ولا ينبغي أن تقتصر على دعم الدولة. ويعلم الجميع أنه عند موت الغني لن يدفن معه ماله، وقد يقتسمه الورثة بالكامل ولا يبقى لأعمال الخير شيئا، ولعلي أختم بوصية الملك الإسكندر المقدوني قبل وفاته وهو الذي حكم وملك مشارق الأرض ومغاربها، وحين حضرته المنية، أدرك حينها أن انتصاراته وجيشه الجرار وسيفه البتار وجميع ما ملك سوف تذهب أدراج الرياح ولن تبقى معه أكثر مما بقت، حينها جمع حاشيته وأقرب المقربين إليه، ودعا قائد جيشه المحبب إلى قلبه، وقال له: إني سوف أغادر هذه الدنيا قريباً ولي ثلاث أمنيات أرجوك أن تحققها لي من دون أي تقصير، فاقترب منه القائد وعيناه مغرورقتان بالدموع وانحنى ليسمع وصية سيده الأخيرة. قال الملك: وصيتي الأولى: أن لا يحمل نعشي عند الدفن إلا أطبائي ولا أحد غير أطبائي. والوصية الثانية: أن ينثر على طريقي من مكان موتي حتى المقبرة قطع الذهب والفضة وأحجاري الكريمة التي جمعتها طيلة حياتي. والوصية الأخيرة: حين ترفعوني على النعش أخرجوا يداي من الكفن وأبقوها معلقتان للخارج وهما مفتوحتان. حين فرغ الملك من وصيته قام القائد بتقبيل يديه وضمهما إلى صدره، ثم قال: ستكون وصاياك قيد التنفيذ وبدون أي إخلال، إنما هلا أخبرني سيدي في المغزى من وراء هذه الأمنيات الثلاث؟ أخذ الملك نفساً عميقاً وأجاب: أريد أن أعطي العالم درساً لم أفقهه إلا الآن. أما بخصوص الوصية الأولى فأردت أن يعرف الناس أن الموت إذا حضر لم ينفع في رده حتى الأطباء الذين نهرع إليهم إذا أصابنا أي مكروه، وأن الصحة والعمر ثروة لا يمنحهما أحد من البشر. وأما الوصية الثانية حتى يعلم الناس أن كل وقت قضيناه في جمع المال ليس إلا هباء منثوراً، وأننا لن نأخذ معنا حتى فتات الذهب. وأما الوصية الثالثة: ليعلم الناس أننا قدمنا إلى هذه الدنيا فارغي الأيدي وسنخرج منها فارغي الأيدي كذلك. فهل نعي ذلك ونسعى لعمل الخير في حياتنا ونهب جزءا من مالنا في عمل الخير لكي يبقى شفيعا لنا بعد وفاتنا.
fax2325320@yahoo.com