يا بحرُ، هذي الليلةُ اللَّيلاءُ |
ظَلْمَاؤُها بالمُدْلجينَ تُضَاءُ |
خاضوا غِمَارَكَ، والظلامُ يَلُفُّهم |
والصاحبانِ بطولةٌ وفداءُ |
ما أبحروا إلا وفي أَرواحهم |
أَلَقٌ تهاوتْ عنده الظَّلْمَاءُ |
جاؤوا بما يَشفي الصُّدورَ، لأنَّهم |
بالمَكْرُمَاتِ وبالتضامُنِ جاءوا |
جاؤوا إلى أَكْنَافِ مَقْدِسِنا التي |
في أرضها يتطاول الدُّخلاءُ |
لمَّا رأوا آلامَ (غَزَّة) مالها |
في عُرْفِ تُجَّار الحروبِ دَواءُ |
رحلوا إليها رحلةً ميمونةً |
متضامنينَ، وفي القلوب سَخَاءَ |
يا بحر كم شَرَفٍ عظيم حُزْتَه |
لمَّا التقى بعُبَابِكَ الشُّرفاءُ |
جاؤوك من شرق البلاد وغربها |
تتعدَّد الأجناسُ والأسماءُ |
رسموا لأسطول التضامُنِ غايةً |
كُبرى تهون أَمامَها الأَعباءُ |
هي نُصْرَةُ المظلومِ ساقَتْهم، فهل |
يَدْري الغُفاةُ، ويُدْرِك الجبناءُ |
أرأيتهم يا بحرُ لمَّا أقبلوا |
في جُنحِ ليلِ الصبرِ، كيف أَضَاؤُوا؟! |
أرأيتَهم لمَّا تلاقى عَزْمُهم |
وهديرُ موجك حادياً والماءُ؟! |
صِفْ لي بربِّك، كيف سار إباؤُهم |
ليلاً وسارتْ رَحْمَةٌ ووفاءُ |
أسطولُهم يا بحرُ كان رسالةً |
للواهمينَ، حروفُها بَيْضَاءُ |
أسطولهم يا بحر أصبح معلماً |
حُرَّاً تطيرُ بفضله الأنباءُ |
هو معلمُ الإنصافِ في الزمن الذي |
لعبَ الطُّغاةُ بأهله وأساؤوا |
يا بحرُ، أنت الآن راويةٌ لما |
ستر الظلام، وقارفَ الأعداءُ |
فاسرُدْ حكاية ما جرى وارفع بها |
صوتاً، لتسمع صوتك الأرجاءُ |
قُلها مقالة صادقٍ واشهدْ بها |
فقلوبُنا وعقولُنا إصغاءُ |
والحقُّ يبقى ظاهراً متألِّقاً |
في الناس لمَّا يَصْدُقُ الشُّهداءُ |
لما روى البحرُ الحكاية كلها |
سَطعَتْ أمام العالم الأضواءُ |
سقط القناعُ عن الوجوه فلم يَعُدْ |
يخفى العَدوُّ، وروحه الهوجاءُ |
هي دولةُ الإرهاب أهونُ فعلةٍ |
ممّا جَنَتْه، جريمةٌ نكراءُ |
هي دولة قانونها إرهابُها |
ودليلُها في حُكمها الأهواءُ |
لا بيتُ أبيضِهم يُداري ما جرى |
منها ولا الوسَطَاءُ والعُمَلاءُ |
يا بحرُ، أنتَ وكائناتُك والمدى |
بعد المدى، والموجةُ الزَّرقاءُ |
وجميع حَبَّاتِ الرِّمال، وما حَوَى |
قاع المياهِ، وما احتواه فضاءُ |
نَعْمَ الشُّهودُ على العدِّو، وإنها |
لشهادةٌ موثوقةٌ بلقاءُ |
حقٌّ كساطعة الضُّحى ما ضَرَّه |
ألا تراه المُقْلَةُ العمياءُ |
|