إياك إياك أخي طالب العلم الاستعجال في الفتيا، وخاصة في النوازل وقضايا الأمة بما فيها أحكام الجهاد، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (..وفي الجملة فالبحث في الدقائق، أي دقائق أحكام الجهاد من وظيفة خواص أهل العلم، وبيان أنه لو أفتى فيها من ليس في رتبة العالم المجتهد أفسد البلاد وأزهق العباد، لأن العالم يشم الفتنة قبل وقوعها، وأما غيره فلا يعرفها إلا إذا وقع فيها، وقد لا يعرفها) انتهى. وليكن شعارك فيما لم تحط به (لا أعلم)، (لاأدري)، (الله أعلم) قال ابن مسعود رضي الله عنه: (إن الذي يفتي الناس في كل ما يستفتى لمجنون). وقال الشعبي: (لا أدري، نصف العلم). وإمام العلماء نبيكم عليه الصلاة والسلام قال: (لا أدري حتى أسأل)، عن جبير رضي الله عنه أن رجلاً سأل الرسول صلى الله عليه وسلم قال: أي البلاد شر؟ قال: لا أدري حتى أسأل، فسأل جبريل عن ذلك فقال: لاأدري حتى أسأل ربي. فانطلق فلبث ما شاء الله ثم جاء فقال: إني سألت ربي عن ذلك فقال: شر البلاد الأسواق)، قال ابن حجر حديث حسن رواه البزار والطبراني.
وقال القاسم بن محمد بن أبي بكر رحمه الله: (لئن يعش الرجل جاهلاً بعد أن يعرف حق الله عليه خير له من أن يقول مالا يعلم).
أخي الراغب في طلب العلم لابد أن تسير على هذه الخطوات لتكون عالماً عاملاً وهي كتالي: الإخلاص، قال تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ}، والعلم من أفضل العبادة، وتقوى الله لقوله تعالى: {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ}، والمتابعة لرسول صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني)، والعمل به، والدعوة إليه، والصبر على ذلك قال تعالى: {وَالْعَصْرِ {1} إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ {2} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ {3}، والسؤال عما لا تعرفه حتى تعرفه، بوّب البخاري باب من سَمِعَ شيئاً فلم يفهمه فراجَعَ حتى يَعرِفَه) وكانت أمنا عائشة رضي الله عنها (لا تَسمَعُ شيئاً لا تعرِفُهُ إلا راجَعَتْ فيه حتى تَعرِفَهُ.)، والتناوب في طلب العلم كحال التجار والعاملين في المؤسسات والجهات العسكرية ونحو ذلك، لذا بوب البخاري (باب التناوب في العلم) وذكر حديث عبدالله بن عباس عن عمر قال: كنت أنا وجار لي من الأنصار من بني أمية من زيد وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوماً وأنزل يوماً، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره...) قال ابن حجر -رحمه الله- فيه: (إن الطالب لا يغفل عن النظر عن أمر معاشه ليستعين على طلب العلم وغيره مع أخذه بالحزم في السؤال عما يفوته يوم غيبته)وثمرة كل علم العمل قال الفضيل بن عياض: (لا يزال العالم جاهلاً بما علم حتى يعمل به، فإذا عمل به كان عالما)، وقال القاسم بن محمد بن أبي بكر: (أدركت الناس فكان يعجبهم العمل لا القول).
واحذر كل الحذر من كتب المبتدعة، والكتب الثورية، والمجلات والقصص وروايتها للناس التي لا سند لها حتى لو كان مقصدك حسناً لإبكاء الناس ودعوتهم فهذا ليس بسديد، كذا قال العلامة الفقيه ابن عثيمين -رحمه الله- في كتاب العلم حينما سئل عن تقويم الكتب وكتاب (تنبيه الغافلين) فراجعه.
* خطيب جامع الشيخ ابن عثيمين بالخبر