عرعر -فهد الديدب
عندما غادر غليس بن مبارك العنزي أحد سكان هجرة الديدب في منطقة الحدود الشمالية إلى منطقة حفر الباطن مع أغنامه الثلاثمائة بحثاً عن المرعى في 1411/11/10هـ، لم يكن يعلم أن تفاصيل تلك الرحلة الغريبة ستتحول إلى قصة حزينة .. ومأساوية .. .. لا نجد تفسيراً لكل تفاصيلها المليئة .. بالحزن والألم .. والأمل في أن يعود من تلك الرحلة المضنية لقلوب أبنائه وأقربائة وأبناء عشيرته . فقد ذهب ولم يعد .. وليست هناك تفاصيل عن الاختفاء يمكن أن تخفف من حزن أبنائه وبناته .. منذ مايزيد على العقدين من الغياب .. فلا هو حي مع الأحياء ولا ميت مع الأموات .. اختفى .. دون أن يعرف أبناؤه كيف ومتى .. بحثوا عنه في كل زوايا الأرض .. في الشرق والغرب .. لعلهم يقيمون له عزاء .. أو يحتفلون بعودته .. ولو طال المطال .. وضعف الأمل .. وقل الرجاء .. إلا من رحمة رب العزة والجلال . يقول ابنه الأكبر عواد ( معلم ): لقد طرقنا كل الأبواب .. ولم نجد جوابا يشفي الصدور .. ويريح القلوب .. ويفسر هذا الغياب .. والعذاب .. اختفى ولم نجد له أثرا , وكأن الأرض قد ابتلعته حيا .. نريد تفسيرا واحدا .. فقط .. نريد دليلا واحدا .. نريد حلا .. لقصتنا المليئة بالألم والحزن والأسى .. هل نقيم العزاء ونستقبل المعزين ,ونحكم عليه بالموت لطول الغياب ؟ أم ننتظر بأمل ضعيف .. عودته من المجهول .. فلا يعقل أن يختفى إنسان دون أن يترك أثرا .. من المستحيل أن يموت بالصحراء ولا يعثر على جثمانه .. ..فقد منحتنا المحكمة الشرعية بعرعر صك إثبات تغيب .. وطرقنا أبواب جمعية حقوق الإنسان وقالوا لنا إنه ستتم دراسة هذه القضية والتنسيق مع الجهات الأخرى لإيجاد حل لها. ولم يتوصلوا لحل واضح .. ودليل قاطع .. وقد سجل والدنا ضمن الأسرى المفقودين في وزارة الدفاع والطيران. ولم نصل لجواب شافٍ .. بالرغم من الجهد الحكومي الكريم من كل الجهات المسؤولة في هذه الدولة المباركة التي لم تدخر جهدا وشاركتنا الألم والحيرة في البحث والتقصي، ولم تقصر أبدا في إجراءاتها .. ولكن هذا قدرنا مع والدنا الحبيب الذي .. توارى .. دون أن يودعنا ..إلى قصته الغريبة والأليمة .. وإلى عالمه المجهول .. المليء بالأسئلة المحيرة .. والتي لم نجد جوابا واحدا لأي منها .. سوى.. أن نرفع أكف الضراعة لله عز وجل (اللهم ارحم أبانا حيا وميتا) .