تتسع الفراغات من حولي.. ولم يعد بإمكاني أن أملأها وحدي، وصلت لمرحلة الاكتفاء من كل شيء حولي، زوجي.. عملي.. وبيتي، وهذا الصمت الذي يطبق على أنفاسي. وددت لو بإمكاني أن أجرب الصراخ ولو لمرة واحدة، وكلما همت بذلك.. أخرستني السنوات التي جمعتنا! هل لازم علي أن أفي لعدد من السنوات وأخرس صوتي؟! أم أتجرد من كل شيء وأطلق العنان لحبالي الصوتية؟
منذ سبع سنوات مرت وأنا آكل وأنام وأذهب لعملي، ومرة من كل شهر أتمدد كأريكة لزوج صامت يقضي حاجته ويفضي لصمته!
كل ما بي صرخ.. مشاعري عاطفتي وكلمة أحبك التي أتلذذ بها بيني وبين نفسي. كنت مراهقة كل ما تفكر به قصة حب تعيشها مع أول رجل يطرق الباب لخطبتها..
تلاشت الأحلام لتتحول العلاقة الزوجية لدوام رسمي بكل منعطفاته! سبع سنوات امتدت بينا واتسعت الفراغات وإن شرخت علاقتي به..
لم أشعر بحميمية بيتي ولا أميز صوته لو تحرر مثلا من صمته وناداني، لكن ذلك لن يحدث أبدا لأنه فقد إحساسه بحباله الصوتية.
اشتهيت مرة أن يصرخ بوجهي، يصفعني، يشد شعري، يهزني أو يوبخني لكنني لم أسمع صوته منذ زواجي واكتفيت منه..
لو كانت الحياة التي تجمعني به تستحق النضال لناضلت.. لو كان يستحق أن أتجرد من مشاعري لتجردت.. لو كان يستحق ما مضى من سنواتي
لقدمت المزيد.. لكنه رجل خلق للصمت، ينزوي بجبن حينما تكون مشاعري بأوجها، وكلما داعبت مشاعره وضع حاجزاً من الصمت يفصل مشاعرنا من الالتقاء!
وقفت الآن بيني وبينه ووضعت مسافة تحدد بخطوات، كنت أريد منه خطوة وبالمقابل مني ثلاث خطوات لكنه تراجع للخلف خطوة وامتدت الفراغات بيننا!
ما يحملني على البقاء بكنفه وهو يلسعني بسوط صمته القاتل؟! ما عدت أحتمل كل ما يحدث بيننا لم أعد أستجيب لرغباته، وقفت بوجه صمته...
وأوقفته..
قل ماذا تريد..؟
فأطبق الصمت من جديد على حواسه، فصرخت من أعماقي، كانت صرختي الأولى و الأخيرة..
ما عدت أطيق صمتك.. سئمت كل شيء بحدودك.. أعتقني من جحيم الصمت.. سبع سنوات مضت من عمري وأنت أنت لم تتغير! أريد أن أحيا من جديد أعيش لذة الحب ولو لمرة واحدة! ما عدت أحتمل الشرخ الذي يتسع بيننا وأنت لا تسمع إلا صدى صمتك!
تأكل وتنام وتشاهد التلفاز ساعات طويلة وأنا على الجهة الأكثر وجعا أتضور جوعا للحب!
لم أنته من حديثي.. غط في سبات عميق..
بكيت بحرقة.. وافترشت الأرض، وتساءلت بمرارة تشق صدري هل يحق لي خلعه...؟
ريف السعود