كان أمراً صعب التصديق..
فلم يكن معتاداً على تلك المظاهر التي تنمُّ عن عميق المشاعر من زوجته.. وخاصة بعد مشاجرة الأمس التي ارتفعت فيها الأصوات إلى عنان السماء..
فما أن استيقظ من نومه حتى وجدها تقف عند حافة الفراش تحمل أغراضه وتدعو لحمامه اليومي قبل أن تعد له ما يحب من طعام..
غادر إلى الحمام.. وأصوات الموسيقى الناعمة تملأ المكان.. وبعد أن حصل على قسط وافر من الانتعاش.. ارتدى ملابسه المعدّة له مسبقاً.. وتعطر بالعطر الذي اختارته له.. ثم صحبته من يده إلى غرفة الطعام.. حيث كان هناك إفطار شهي بانتظاره.. تناول لقيمات قليلة وزوجته تلح عليه أن يكمل إفطاره قبل أن يذهب لعمله الشاق الذي يكد فيه من أجل العائلة.. اعتذر لضيق الوقت.. صحبته حتى باب البيت وهي تدعو له بأن تصحبه السلامة في كل خطواته..
قبَّلت وجنته بسرعة وهي واقفة وراء الباب الخشبي العتيق.. غادر منشرحاً وهو يترنّم بلحن شجي يلائم كل تلك السعادة التي تغمره.
انتبه على صوت الباب الخشبي وهو يحدث ذلك الصوت المزعج عند إغلاقه.. وجد نفسه لا يزال في فراشه وحيداً.. وصوت زوجته يعلو في الخارج في شجارها اليومي مع الأبناء.