أسعار العقارات في الخارج تنخفض مع الأزمة العالمية، وأسعارنا تزداد، أسعار الحديد في الخارج تنخفض بنسبة 15% مثلاً، وسعر الحديد عندنا يزداد بالنسبة ذاتها، أسعار الشعير تنخفض في الخارج وتزداد عندنا، أسعار المواد الغذائية تزداد في الخارج بنسب طفيفة ومقننة، وتزداد عندنا بنسب مجنونة يحددها التاجر أو صاحب السوبر ماركت أو البنغالي بجوار منزلك، فالسكر الذي ازداد بنسبة 100% في غضون ستة أشهر فقط، كان لحكمة هي أن نشرب الشاي بدون سكر لأن هذا أمر صحي جداً، خاصة أننا من أكثر الدول في نسب الإصابة بمرض السكري!
علّمونا في المدرسة الابتدائية أننا دولة تمتلك ثلث مخزون احتياطي النفط في العالم، فانتفخت صدورنا الصغيرة وأوداجنا، وبدأنا نمشي نتبختر بخيلاء، حتى أصبحنا أضحوكة الدول حين نسافر صيفاً بواسطة ديون «الفيزا» و»الأمريكان إكسبريس»، ونوزع الهبات للشعوب التي نسافر إلى بلدانها، لأننا أصحاب نفط، ولأنهم يقولون لنا «حاضر يا أفندم»، ولكننا كبرنا وتعلّمنا في غير المدارس أننا نضم أغنى الأغنياء في العالم، وأن أول خمسين ثرياً لدينا يملكون 549 مليار ريال، وأن الزكاة المفترض دفعها سنويا من هؤلاء تعادل 14 مليار ريال فقط، وأن هذا المبلغ يصيب البنوك بالتخمة، لا صندوق الفقر لدينا فحسب، بل قد يكفي لرفع الفقر عن فقراء العالم العربي والإسلامي!
حين كنّا صغاراً، كنا نسمّي بيوتنا أعمامنا وأخوالنا وجيراننا بأسمائهم، وحين كبرنا اكتشفنا أن هذه البيوت ليست لهم، وليست لنا، ولكنها للمذكورين أعلاه، الأثرياء الذين ننتظر أن يخرجوا زكاتهم كاملة، فقد أخبرتنا الإحصاءات أن 22% فقط من أهلنا هم من يملكون مساكنهم، بينما البقية هم من المستأجرين المغلوبين على أمرهم، والمنتظرين رحمة من السماء تجعلنا من الدول المحظوظة بالأزمات، كي تنخفض الأراضي والعقارات!
ماذا أريد أخيراً، وماذا يريد معي القارئ من هذا الكلام، لا نريد السفر إلى منتجع سويسري ولا إلى الريف الفرنسي أو الإنجليزي، بل حتى لا نريد السفر إلى جنوب البلاد، لا أبها ولا الطائف، فقط نحلم بأن لا نعطش يا مصلحة المياه، وألا نفتح أفواهنا ك»ضبان» هذه الصحراء، يا شركة الكهرباء، نتيجة انقطاع التيار، وتوقف التكييف الصحراوي!
أعرف أنه حلم وطموح كبير، لكن لي الحق بأن أحلم «على كيفي»، أليس كذلك؟