Al Jazirah NewsPaper Tuesday  15/06/2010 G Issue 13774
الثلاثاء 03 رجب 1431   العدد  13774
 
شيء من
الإيرانيون في مرحلة الحصار
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

تطرف إيران الدولة يعني بالضرورة نهاية نظام الملالي.. الأنظمة مثلها مثل الأفكار، لا يقضي عليها مثل الإمعان في التطرف، والبعد عن الواقعية، وسيطرة (ما يفترض أن يكون) على أحلام القادة؛ ليصبح التعامل مع الواقع بموضوعية خنوع وخضوع واستكانة للأعداء حسب مفردات قواميسهم الثورية؛ وهذا -أيضاً- ما ينطبق على نظام طالبان؛ ولا يختلف الأمر بالنسبة للأفراد؛ فالذي أسقط ابن لادن، وحاصر ثقافته، ومفرزاتها، كان التطرف. وفي تقديري أن إيران، الدولة والملالي، أو النظام والقادة، تسير إلى ذات النهاية.

فالقرار الذي اتخذه مجلس الأمن بإقرار حزمة جديدة من العقوبات على إيران للمرة الرابعة منذ 2006، تكمن أهميته ليس في مدى قدرته على محاصرة إيران وإضرارها آنياً، أو حتى على المدى القريب، وإنما في كونه يحاصرها سياسياً، ويخنقها على المدى الطويل اقتصادياً، ويُغريها في الوقت ذاته على الإمعان في التطرف والتحدي والصمود ومقاومة الضغوط؛ ومع مرور الزمن يصبح تراجعها عن مواقفها مستحيلاً، رغم ضرورة التراجع، بل وحتميته أحياناً؛ فيبذر قادتها دون أن يعوا أهم أسباب سقوط نظامهم. من يقرأ تاريخ كل الدول التي تقوم على إيديولوجيا معينة، ثم تذهب بعيداً في تطبيق هذه الإيديولوجية، دون أن تأخذ المتغيرات والظروف والتماهي معها في الحسبان تكون أكثر من غيرها مهددة بالسقوط. فالموضوعية في التعامل مع التحديات شرط ضرورة للبقاء، والتراجع (التكتيكي) في أحايين كثيرة يكون سبباً لامتصاص الضغوط أكثر من التشبث غير الواعي والمتكلس بالثوابت التي قامت عليها في البداية. كما أن من أهم أسباب بقاء الدول في العصر الحديث يكمن في مدى قدرتها على التعامل الإيجابي (نسبياً) مع المجتمع الدولي. أن تعمل ولا تأخذ في الاعتبار رأي الآخر بأعمالك وتصرفاتك، ولا مدى قبوله بها، وردود أفعاله تجاهها، فأنت تسعى إلى العزلة؛ والعزلة مآلها النهاية والتلاشي. ولعل آخر من قلب لإيران ظهر المجن -كما يقولون- كانت الصين وروسيا، فقد صوتتا مع قرار مجلس الأمن الأخير، الأمر الذي يشير إلى أن إيران على مستوى الدول ذات التأثير القوي في العالم أصبحت بلا حلفاء تماماً. وهذا يؤكد أن الدبلوماسية الإيرانية قد فشلت في استقطاب حتى تلك الدول التي ترتبط معها بعلاقات اقتصادية وعسكرية وثيقة للوقوف معها، ومساندتها، إذ تعتبر الصين تحديداً الشريك الاقتصادي الرئيس لإيران، ومع ذلك صوتت مع القرار، في حين أنها تساند كوريا الشمالية، وتدافع عن أي قرار من شأنه الإضرار بها، وهو ما يؤكد فشل الدبلوماسية الإيرانية في توظيف علاقات إيران الدولية في خدمة قضايا النظام.

ولا يمكن تصور أن إيران وهي تحت هذه الأضواء الكاشفة، والمتابعة الدقيقة، ستكون قادرة على فرض الأمر الواقع في نهاية المطاف، وامتلاك السلاح النووي كما يحلم قادتها؛ حتى لو اضطر المجتمع الدولي إلى الانتقال من العقوبات إلى التعامل بالقوة لكبح الطموحات النووية الإيرانية، وإرغامها على الرضوخ لمتطلبات منعها من امتلاك السلاح النووي.

ومهما يكن الأمر فإن مشكلة إيران الأولى هي (الداخل) وليست قادمة من (الخارج) كما يتوهم القادة الإيرانيون أو يدّعون. والسلاح النووي الذي يبذل نظام الملالي الغالي والرخيص للحصول عليه لن يطعم الأفواه الجائعة، ولن يخفض أرقام البطالة المتفاقمة، ولن يحد من هجرة العقول الإيرانية إلى الخارج؛ بل يمكن القول إن ما تتخذه إيران من مواقف سياسية متعنتة من شأنها أن تنعكس سلباً على الاقتصاد الداخلي، وأن تُفاقم المشكلة، وتزيد من رقعة التذمر الشعبي، وتجعل النظام في المحصلة محاصر من الداخل والخارج معاً، مما يجعل سقوطه مسألة وقت ليس إلا؛ ولعل تفكك الاتحاد السوفييتي، وهو يملك ترسانة ضخمة من الأسلحة التقليدية والنووية، خير مثال على أن الاقتصاد وليس السلاح هو أس البقاء.

إلى اللقاء،،،



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد