لم يعد سلوك تنظيم القاعدة الأم في أفغانستان وفروعه الحديثة خصوصاً ما يسمى بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب أو في الجزيرة العربية ومركزه اليمن... من السلوكيات التي تعكس فكراً وقولاً وفعلاً إنسانياً ناهيكم بأي حال من الأحوال أن يكون إسلامياً بعد أن أصبحت تصرفاته تتشابه تماماً مع تصرفات محاكم التفتيش وأفعاله لا يفرق بينها وبين أفعال فرسان الهيكل الصليبي في العصور الوسطى الأوروبية.
في الجانب المغربي، فإن الحقيقة هناك لن تختلف بأي حال من الأحوال عن الحقيقة هناك أيضاً في أفغانستان بعد أن أوقعت عناصر حركة طالبان (الوجه الآخر لعملة تنظيم القاعدة) مجزرة وحشية في زواج مدني أودى بحياة قرابة أربعين قتيلاً وقتيلة منهم أطفال صغار. السؤال هل هناك من مبرر واحد لقتل المدنيين الأبرياء حتماً يستحيل أن يوجد له جواب واحد، إلا من بعض شعارات عقدية لا تخلو من ترهيب معارضي التنظيم وإثارة الخوف والهلع في نفوس المدنيين المسلمين.
فتنظيم القاعدة يجيد حتى الآن بل ويتفنن في ارتكاب المجازر الوحشية وسفك الدماء وإعدام مناوئيه ومعارضيه بجز رؤوسهم، تماماً كما يجيد صب الزيت على النار وإذكاء نيران الفتنة والصراع بين المسلمين في داخل الدول الإسلامية خصوصاً العربية ليس وحسب لإضعافها وإنهاكها وزعزعة مقومات أمنها واستقراراها، وإنما لوضعها في مواجهات عقدية ودينية وثقافية وحضارية مع الدول والشعوب الأخرى.
تتضح تلك الحقيقة البشعة بعد التصريحات الأخيرة «لعبد الملك دروكدال» رئيس ما يسمى بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يؤكد فيها استعداده لتقديم المال والسلاح لبعض الجماعات في نيجيريا كما ويبدي اهتمامه وإصراره على إذكاء نيران الفتنة والطائفية في المغرب العربي. هذه الحقيقة لم يعد من الممكن الالتفاف عليها أيضاً في بلاد العراق بعد أن تبنى تنظيم القاعدة ما يسمى بسياسة الذود عن الطائفة السنية بشن هجمات إرهابية دموية الواحدة تلو الأخرى على الطائفة الشيعية، الأمر الذي أدى إلى هجمات وردود أفعال شيعية معاكسة أودت بحياة المسلمين الأبرياء دون وجه حق.
إذن فإن المخطط الجهنمي لتنظيم القاعدة جاء بردود أفعال ونتائج عكسية في كل مكان أو موقع يروم إثارة الفتنة فيه. فشيوخ الصحوة السنيون في محافظة الأنبار على سبيل المثال لا الحصر، بعد أن روعتهم المذابح الجماعية التي ارتكبتها عناصر تنظيم القاعدة في المدنيين الأبرياء وبعد أن لم يعد بمقدورهم احتمال نيران الفتنة والصراع، تصدوا لتنظيم القاعدة في تلك المنطقة بقوة ووقفوا أمام مخططاته الدموية وقفة رجل واحد بعد أن شكلوا ميليشيات مسلحة بمسمى «مجالس الصحوة» لطرد عناصر التنظيم الإرهابي من الأنبار. وسرعان ما تكونت مجالس صحوة مماثلة في المحافظات العراقية الأخرى لطرد عناصر تنظيم القاعدة ولدحر مخططاته الأمر الذي أضعف التنظيم ليولي الأدبار من تلك الديار.
هنا تتضح حقيقة تنظيم القاعدة وقربها من حقيقة تنظيم فرسان الهيكل الصليبي في العصور الوسطى عندما بدأ التنظيم يمارس عمليات الانتقام الدموية من قيادات مجالس الصحوة بتفجير سياراتهم وتدمير منازلهم ونسف المطاعم التي يرتادونها في محاولات متكررة لاغتيالهم واغتيال أهاليهم وذويهم. فهل يمكن لمخلوق ناهيكم عن مسلم أن يشير إلى أفعال ومخططات وأهداف تنظيم القاعدة بأنها أفعال وأهداف إسلامية!!!
الحقيقة المرة التي ثبتت تؤكد أن ما تتشدق به شبكة تنظيم القاعدة والمتعاطفين معها في جميع أنحاء العالم من الدفاع عن الإسلام والمسلمين ما هو إلا تسويف وهراء فكري وعقدي جديد يضاف إلى ما سبقه من شعارات سادت لبرهة من الوقت ثم بادت لأفراد وجماعات لم يسودوا وأبيدوا عن بكرة أبيهم. لقد تأكد قطعاً أن تنظيم القاعدة وشبكته من فرسان الموت والدم والدمار هم الأشد فتكاً بالمسلمين، والأكثر خطورة على الإسلام والمسلمين، والأعظم ترويعاً وترهيباً للمسلمين في ديار المسلمين وفي جميع أنحاء العالم.
الإجابة على السؤال... من المسؤول عن قتل المدنيين الأبرياء بعمليات تفجيرية وانتحارية في الباكستان وأفغانستان والعراق وتركيا واليمن والأردن والمغرب ومصر والمملكة العربية السعودية قطعاً لن تكون من قبل فرسان الهيكل وإنما من فرسان تنظيم القاعدة المارق.
www.almantiq.org