Al Jazirah NewsPaper Sunday  13/06/2010 G Issue 13772
الأحد 01 رجب 1431   العدد  13772
 

في الوقت الأصلي
أهل العقول في راحة
محمد الشهري

 

يقول الإمام الشافعي (رحمه الله): أجادل العالِم فأغلبه، ويجادلني الجاهل فيغلبني.

- ويقول أحد الحكماء: عدو عاقل خير من صديق جاهل.

- وفي بعض العلوم النفسية، هناك قاعدة علمية تقول: إن أكثر البشر جنوحاً إلى التطرف والعدوانية، هم أكثرهم عرضة للجفاف والقحط العاطفي حد الحرمان سواء أُسرياً أو اجتماعياً.

- والجاهل المشار إليه أعلاه ليس بالضرورة أن يكون لا يقرأ ولا يكتب.. فقد نجد بين الأميين من هم أكثر وعياً واتزاناً ورجاحة عقل، من كثيرين ممن يجيدون القراءة والكتابة.

- أما المعني بالأمر هنا فهو الذي لا يستحي من لوي أعناق الحقائق تارة، والقفز عليها تارة أخرى، معتمداً في ذلك على أساليب المجادلة ورفع الصوت والتحشيد والتداعي بغية إحداث أكبر قدر ممكن من الجلبة واللغط والقيل والقال.. سواء كان ذلك بدافع الغريزة المضطربة، أو كان بدافع هشاشة نوازع الخير المؤدية بالتالي إلى الشعور بالغبن واستكثار النعمة على الآخرين (؟!!).

- ومعلوم أن الأوساط الرياضية إنما تمثّل الشرائح الأعرض من المجتمعات انتماءً وتشجيعاً، وبناءً عليه لا بد أن تزخر بالعقلاء والأسوياء الذين يعرفون ما لهم وما عليهم في إطار التنافسات الشريفة.. كما تعج بعكسهم تماماً من المحرومين والجهلة والحمقى الذين لا يؤدي الجدال معهم إلى أي نتيجة مهما طال الوقت أو قصر (!!!).

- ذلك أن من بديهيات الأشياء أن المشجع عندما يقرّر الانحياز إلى هذا أو ذاك من الأندية.. لا يقدم على ذلك بقصد البحث عما يتعسه ويضيق صدره مكتفياً بالمواظبة على ارتياد المدرجات بين ممارسة الصراخ والبكاء إلى ما لا نهاية.. فقط لكي يقال عنه بأنه ظاهرة (؟!!).

- وإنما هو يبحث بفطرته عما يبهجه ويروي عطشه التشجيعي، ويدخل السرور إلى وجدانه عن طريق الاحتفال والتغني بالمنجزات، والشعور بأن تعبه وجهده وتضحياته لم تذهب أدراج الأمنيات ومتابعة نجاحات وأفراح أقرانه في الأندية الأخرى.. مما يضطره في كثير من الأحيان إلى التطفّل على مناسبات غيره ومؤازرة (س) من الفرق ضد (ع) في أحايين أخرى، وقد شاهدنا ولمسنا هذه الممارسات في أكثر من مناسبة وأكثر من مباراة خصوصاً خلال العقد الأخير.

- كذلك فإن من البديهيات أن عشاق وأنصار الأندية التي لا تغيب عن صعود المنصات وحصد الألقاب.. هم الأكثر طمأنينة وسعادة، والأقل عصبية وتشنجاً من أقرانهم الذين يعيشون تحت وطأة الحرمان والانكسارات والفقر المدقع من أسباب الابتهاج والأفراح، مما ينعكس تلقائياً على تصرفات وسلوكيات كل فئة من الفئتين حتى في الحياة العامة.

- بدليل أننا لا نشاهد (الصرعى) إلاّ بين مرتادي مدرجات الفرق المنكسرة لمجرد ولوج هدف هنا أو آخر هناك.

- وللتأكيد أكثر: لاحظوا أن من هم الذين تفرغوا تماماً لمراقبة منجزات الزعيم على وجه التحديد عبر وسائل الإعلام المختلفة في محاولات بليدة وفاشلة لاختلاق الطعون فيها، سواء جهلاً أو تجاهلاً، أو حتى حماقة وعباطة (!!!).

- ستجدونهم (شويّة) من الحمقى والفارغين والمحرومين من نعمة تعاطي المنجزات والأفراح المشروعة والمشرّفة، ومن نعمة العيش في أكناف كيانات مؤهلة وقادرة على إسعاد المنتمين لها (؟!!).

- ومن زود الفراغ والفراغة، وقلّة القيمة، ظهرت لنا بدعة بطولات التصويت كأسخف وأدنى درجات استغلال (المطافيق) وإفراغ جيوبهم ثمناً لأوهام تأتي في سياق ومضمون وهم النادي الأكثر جماهيرية في العالم (!!!).

- هؤلاء، وكما هو ثابت وموثّق سواء بخطوط أيديهم، أو بأصواتهم المتناثرة عبر الفضاء المفتوح لكل من هب ودب.. انصرفوا كلياً إلى ما يتناسب مع أوضاعهم المفلسة والمأساوية.. بين ملاحقة نجاحات الآخرين وإثارة الغبار حولها.. وبين اجترار بعض خرافات الماضي البعيد المثقلة بالارتياب والاستفهامات، والدندنة حولها كأمجاد.. وبين اصطناع بعض الرمزيات والرموز الفارغة وإحاطتها بما يشبه القداسة (والعياذ بالله).. دافعهم إلى ذلك الجهل والحرمان والحقد الأسود.

- فيما ظل أهل العقول ممن أنعم الله عليهم براحة البال والرضا بما قسم الله.. أكثر هدوءاً وانصرافاً وتطلعاً إلى تحقيق المزيد والمزيد من أسباب التميز والعيش في الأجواء الرياضية النظيفة والخالية من الأكدار والأحقاد ومراقبة خلق الله.

- أما حكاية هؤلاء مع لقب (نادي القرن) الذي أقض مضاجعهم.. فقد ذكرتني بقصة واقعية رواها لي شاهد عيان، تقول: كان أحد الطلاب النجباء يدرس في أحد الفصول التي يدرس فيها ابن معلم الفصل، وكان هذا المعلم يُعدّ ابنه ليكون هو الأميز، وحين ظهرت نتائج الامتحان الذي عنده يُكرم المرء أو يهان.. تبيّن أن الطالب النجيب قد حقق الأفضلية.. مما حدا بالمعلم (غير الأمين) إلى الحقد على ذلك الطالب فجعل يتلكأ ويماطل ويسوّف في منحه شهادة التفوّق التي استحقها عن جدارة.. فما كان من إدارة المدرسة إلا أن منحته الشهادة رغماً عن أنف المعلم وابن المعلم الفاشل.

- أما قولهم بأن الهلال هو الأحق باللقب دون جدال، ولكننا لن نعترف به إلا أن تقره الجهة التي يعلمون كما نعلم بأنها لن تقره.. لأننا نعلم كما يعلمون أيضاً من وقف خلف رفض إقراره، والجهود التي بذلت في ذلك السبيل.. هذا جانب.

- الجانب الآخر: أن حالة الهيجان التي انتابتهم على خلفية إعلان أندية القرن التي من بينها الهلال وإشهار ذلك عالمياً من عاصمة الضباب.. إنما تعكس مدى المفاجأة التي لم تكن في حسبانهم عطفاً على معلومات وتأكيدات داخلية ظلوا يراهنون عليها، ونسوا أن الله اسمه العدل، وأنه لا يقبل الظلم (؟!!).

ولهم يقول الشاعر

يا للي تحاول تمسك سهيل بيديك

ما علموك الفرق بين المجالين

الفرق ما بين الثرى والثريا

معروف لكن وش تقل للمجانين

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد