Al Jazirah NewsPaper Sunday  13/06/2010 G Issue 13772
الأحد 01 رجب 1431   العدد  13772
 
إلى (الجحيم).. و(لكن)..؟!
حمّاد بن حامد السالمي

 

* حقيقة.. لم أفاجأ بالكشف عن سيدة سعودية يمكن أن توصف بكل بساطة بأنها (إرهابية)..! إذ ماذا يقال عن امرأة تستهدف الصفوف النسائية في المجتمع لتجنيد الصغيرات، واستمالة الكبيرات، وتجهد لخلق (غطاء نسوي ...ناعم)

يدعم الأعمال الإرهابية للقاعدة، ويسهِّل مهام خلاياها النائمة في بنية المجتمع السعودي، ويعزِّز من قيادة التنظيم خارج الحدود، ويوفِّر له الدعم المادي الذي هو في أمسّ الحاجة إليه..؟!

* هيلة القصيّر.. انكشف عنها غطاؤها الذي كانت تتخفى خلفه، وبقي خلف هذا الغطاء هيلات وهيلات من أمثالها، لم يحن الوقت بعد لظهورهن وانكشافهن، فهناك كتائب جهادية (ناعمة)، تتحرك وتنشط تحت رايات المشروع الصحوي الثوري منذ سنين طويلة، فقد خرجت الفكرة الصحوية من عباءة الإخوان المسلمين، ومن الحزبية الحركية الصحوية ذاتها، خرج الخوارج الذين يفجرون ويقتلون بحجة الجهاد، وبدت الحركة النسوية في هذا الاتجاه، وكأنها تستغل عادات وطبائع المجتمع السعودي المحافظ، وتستفيد من المعاملة الخاصة للمرأة، حتى في الأوساط الرسمية، وتستلب شيوع مفاهيم فقهية متشددة ومغالية ومتطرفة أحياناً، سبق وأن كرَّسها فقه الصحوة، من أجل خدمة أهدافه البعيدة في تحقيق حلم الحاكمية والأممية.

* ليست هيلة القصيّر هي السيدة السعودية الأولى في صفوف القاعدة ولن تكون الأخيرة، وإن كانت هي (القيادية) أو الزعيمة، كما فُهم من لهجة (سعيد الشهري)، ومن بيان قاعدته في اليمن، فقد كانت زوجة المقرن تعيش هي وأطفالها مع رأس إنسان بريء، يقبع في ثلاجة المنزل معهم، بعد أن قتله الإرهابيون في شوارع الرياض، فما وجدت في ذلك حرجاً، وهي امرأة ومعها أطفال صغار، كما أن وفاء الشهري - الذي أنعم عليها التنظيم بلقب (أم جندل الأزدية)..! مثلما أنعم على هيلة بلقب (أم الرباب) - هي التي سبق وأن لحقت بزوجها (سعيد الشهري) في اليمن متسللة، وهناك أمثلة أخرى كثيرة، يمكن أن تضرب عند الكلام على دور النساء في دعم الحركة الصحوية، التي بدأت منذ أربعة عقود بقلب الموازين الاجتماعية، وتفتيت نواته الأولى وهي الأسرة، من خلال الشريط الإسلامي، ونشر ثقافة مشبعة بالتشدد والغلو، حرّمت كل شيء، حتى جهاز التلفزيون والمذياع والصحف اليومية آنذاك، فسرعان ما انقسمت الأسرة الواحدة في البيت الواحد إلى فسطاطين متناحرين، فسطاط مع مشروع الصحوة الحركي، وفسطاط آخر متفرج، لأنه مغلوب على أمره..!

* لماذا هذه اللهجة الحادة التي انطلقت من الشهري والتنظيم في اليمن، مطالبة بإطلاق سراح هيلة، أو خطف أمراء ووزراء ومسؤولين..؟

* كيف نقرأ هذه الغضبة القاعدية، بعد القبض على هيلة في المملكة العربية السعودية..؟

* سبق وأن تم القبض على المئات من عناصر التنظيم الإرهابي في المملكة، وقُتل عدد منهم على أيدي رجال الأمن في مواجهات معروفة، ومن هذه العناصر قادة مؤثرون ومنظرون، ولكن القبض على امرأة مثل هيلة، واحتجازها، والكشف عن دورها في دعم عمليات الإرهاب في المملكة، حادث كبير بدون شك، ويستحق غضبة وانتفاضة الرجل الثاني (سعيد الشهري)، فالعيون الأمنية السعودية تحديداً، سوف تتفتح أكثر وأكثر على الدور النسائي المعزِّز للتنظيم الإرهابي، والذي ما زال يعمل تحت أغطية كثيرة، منها عادة نقاب المرأة، وكذلك نشاطها الخيري في تحفيظ القرآن، وفي الجمعيات الخيرية، وخيريتها هي، واستغلال عناصر القاعدة لها بكل الطرق، حتى في مسألة تقمصها في اللباس وتجاوز النقاط الأمنية كما حدث من قبل.

* الأمر الآخر، هو الموقف الاجتماعي من المرأة، لأنه سوف يكون حذراً إلى حد بعيد، فليست كل امرأة تدَّعي جمعها أموالاً خيرية هي صادقة، وليست كل واحدة تتصدى للدعوة يؤمن جانبها، وليست كل واحدة تتلفع بالسواد من رأسها حتى أخمص قدميها هي أنثى، فكم من إرهابي قاعدي، وآخر متاجر بالمخدرات والفساد والأجساد، كان يتحرك وينشط داخل هذا الكيس الأسود.

* أمر آخر كذلك، يتعلق بالتمويل المادي الذي يتدفق إلى حسابات التنظيم الإرهابي من متعاطفين وموالين ومحرضين كُثر، إلا أن تمويل هيلة ومن هنَّ على شاكلتها، يبدو أنه أكبر وأسهل في الوصول إلى المحطة الأخيرة، والنساء هنَّ الأكثر قدرة على الإقناع والجمع من المصادر الأساسية، إضافة إلى دورهن الكبير في تجنيد ناشطات جدد، وتوفير حرية الحركة والعمل للعناصر التي تتلقى الأوامر من الخارج، وتنفذ عملياتها في الداخل.

* هذا هو المهم في عمل القاعدة وما تخطط له في داخل المملكة، ولهذا انتفضت وانتفض سعيدها. أما هيلة والهيلات من زميلاتها، فلا قيمة لهن عند القتلة، فلقد سبقهن رجال من التنظيم، ذهبوا إلى مصيرهم المحتوم، دون أن تذرف عليهم القاعدة دمعة واحدة.

* إنَّ من شاهد (سعيد الشهري) وهو يرعد ويزبد من كهفه المظلم في جبال اليمن، يعرف أن لسان حاله يقول: إلى الجحيم يا هيلة.. ولكن من أين لنا بالمال من بعدك يا هيلة..؟ ومن أين لنا بداعمات جدد..؟ ومن أين لنا بالرجال..؟ ومن أين.. وأين..؟ هذه هي أزمة التنظيم الذي تحاصره اليوم قوى الأمن في المملكة، وتلاحقه في الخارج، وتعرقله يقظة الشعب السعودي الوفي مع قيادته.

* إن المواطنين السعوديين، سيكونون في أعلى درجات حرصهم ويقظتهم بعد اليوم، حتى لا تتحول المواطنة السعودية البريئة، إلى أداة سهلة في أيدي المتاجرين بالفقه الديني، فتدعم الإرهاب، وتعزز من مكانة القتلة والإرهابيين.

* كيف يجيز الفقه المتشدد والمتطرف - الذي نعيش اليوم إفرازاته، وما أكثرها - لهيلة القصيّر وأخواتها، قيادة العمل الحركي الإرهابي في المملكة، ثم يحرِّم عليها وعلى أخواتها، في الوقت نفسه، قيادة السيارة، والعمل في المؤسسات، وبيع الملابس النسائية على أقل تقدير..؟!!

* هذه هي المشكلة الذي تواجهها الأقلام الصحوية بالسكوت عنها علانية، وتجابهها الأقلام (الليبرالية والعلمانية والتغريبية) - كما يصفها خصومها - بالنّبُّوت علانية..؟!!



assahm@maktoob.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد