من يقرأ أسماء الشخصيات التي التقاها وتباحث معها الأمير سلمان في أوسلو ضمن برنامج الزيارة المكثف، وما قيل في الكلمات التي صاحبت الاجتماعات أو ترافقت مع حفلات التكريم، لابد أنه شعر بالرضا، لأن أمير الرياض نقل صورة جميلة عن المملكة وشعب المملكة إلى الناس في تلك الديار البعيدة. والأمير سلمان في كل ما قاله أو صرّح به لم يكن يتحدث بصفته الشخصية ولا في كونه أمير الرياض فحسب، وإنّما كان يتحدث باسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وباسم شعب المملكة العربية السعودية.
***
ولا أريد أن يُفهم خطأ بأن انطباعي عن الزيارة تحكمه العاطفة بحكم أنه يعبر عن الشعور بالرضا عن النتائج التي تم التوصل إليها في هذه الزيارة، فهذا الانطباع هو قراءة لمشاهدات عن قرب، ورؤية تستمد معلوماتها مما كان يتم أمام ناظري، وهي بالنهاية استنتاج مما سمعته من الضيف ومضيفيه، وأنا هنا أنقل بعض ما علق في الذهن مما كان مدار حوار أو نقاش أو مباحثات بين الجانبين، مع وجهة نظر متواضعة في ذلك.
***
ولا يمكن أن يغيب عن ذهني وأنا في أجواء هذه الزيارة أن الدول بدون علاقات ثنائية مع غيرها وتعاون فيما بينها تصبح حينئذٍ في عزلة، ومن غير أن يكون لها حضورٌ فاعلٌ في الساحة الدولية، وهكذا يأتي حرص المملكة على التواصل مع دول العالم عبر تبادل الزيارات بين قادتها ومسؤوليها، وبالتعاون والتكامل مع الآخرين فيما يعود بنفعه على مواطني المملكة العربية السعودية، والأهم من الزيارات أن تكون لها نتائج ذات فائدة، وأن تتطور نحو الأحسن، وأن تكون لغة المباحثات تتركز على البحث في قواميس اللغة عن المفردات والمدلولات التي تصب في مصلحة الطرفين.
***
في زيارة الأمير سلمان للنرويج، لاحظت كم كان الشعب هناك مسروراً بالزيارة، وأنا لا أدّعي أنني تحدثت مع أي منهم، لكني رأيت اصطفاف المواطنين بالشوارع وأمام الفندق وعند المباني والمطار وفي كل مكان يتواجد فيه الأمير والتقاطهم الصور لسموه، وهذه مشاهد تنم عن ارتياح الشعب للزيارة وتثمينه لها، وهو - مرة أخرى - وإن رحب بسمو الأمير فهو إنّما يعبّر عن شعوره الطيب نحو المملكة وقيادتها وشعبها، مما أشعرنا كوفدٍ إعلاميٍّ مرافق لسموه بأن سمعة المملكة دولياً تعدّ أهم إنجاز لها في الخارج، وهذا ما كان ليتحقق لولا السياسة الحكيمة في تعامل المملكة مع أصدقائها في العالم.
***
ومن بين ما لفت نظري في زيارة الأمير سلمان لأوسلو قدرته في استحضار الكثير من المعلومات عن أوجه التعاون الممكنة بين البلدين في جميع قطاعات الدولة وأحياناً حتى في مجال القطاع الخاص، وترحيبه المفتوح لتبادل الخبرات بين مسؤولي البلدين، وبخاصة في الجانب الاقتصادي الذي توجد قواسم مشتركة يمكن الاعتماد والتأسيس عليها لتعزيز فرص الاستثمار وتطوير العلاقات الاقتصادية، فضلاً عن التعاون سياسياً انطلاقاً من السياسة المعتدلة التي تؤمن بها المملكتان، وتتعامل وفق أسلوبها مع كل القضايا الساخنة على امتداد العالم.
***
لا أريد في نهاية هذه الانطباعات السريعة عن الزيارة للنرويج أن أعيد ما قاله الأمير سلمان ومضيفوه من المسؤولين النرويجيين، فقد نشرت (الجزيرة) وباقي وسائل الإعلام، وبكل التفاصيل ما كان يتم يومياً أثناء الزيارة، بما لا حاجة لتكرار ما نُشر من قبل، خصوصاً وأن (الجزيرة) نشرت أمس في صفحتين كاملتين تحليلاً وقراءة كاملة للزيارة في محطتيها أوسلو وبرلين، غير أن ما أود التأكيد عليه في ختام حديثي عن الزيارة (الأميرية) في محطتها الأولى - أوسلو - وقبل الانتقال إلى المحطة الثانية من الزيارة - برلين - إن سلمان قد عبر بلغة واضحة وجميلة ما كان ينبغي أن يقال عن وطنه وبأفضل عبارة وأجمل أسلوب.
- يتبع بعد غد -