التربية لدى الأمم المتقدمة تقوم على مبدأ تربوي جوهري مؤداه إعداد الطلاب لمواجهة الحياة، أما التربية لدينا فهي تقوم - للأسف - على إعداد الحياة للطالب، أي أننا نقدم لطلابنا وأبنائنا تربية تهيئ الحياة وتجهزها لهم بأمل أن يعيشوها بلا جهود تبذل وبلا صعوبات ومنغصات تذكر وبلا إجهاد للتفكير، في حين أن الغرب يسلّح طلابه مبكراً بالمهارات والعادات العقلية والعمل الجاد الذي يجعلهم أكثر قدرة على مواجهة ومعالجة مشكلاتهم الحياتية.
ولكي يعد الغرب طلابه للحياة تجده يربيهم على الاستقلالية في التفكير وعلى الاعتماد على النفس ويعودهم مبكراً على التفكير الناقد والعقلاني الذي يجعلهم يعيشون حياة نوعية منتجة.
المدرسة في الغرب هي صورة حقيقية مصغرة لعالم الطلاب الفعلي وانعكاس صادق لواقعهم اليومي المعاش، أما المدرسة لدينا فهي تتجاهل عالم الطلاب الحقيقي وتقدمه للطلاب مزيفاً ومحرفاً، وبالتالي، وجدنا طالبنا عندما يتخرج من المدرسة يصطدم بعالم حقيقي يعجز عن فهمه وتفسيره والتعامل معه. عندما كنت عميداً لكلية جامعية كان الطالب يدخل مكتبي متوارياً خلف أبيه الطاعن في السن الذي يتحدث نيابة عن ابنه، ثم يفاجئني الطالب بخطاب كتبته له أخته، وعندما أتوجه إليه بالسؤال أجده يجيبني متلعثماً متردداً لا يكاد يصنع جملة مفيدة واحدة.