Al Jazirah NewsPaper Sunday  06/06/2010 G Issue 13765
الأحد 23 جمادىالآخرة 1431   العدد  13765
 
الر ياض: مدينة البلاستيك المتطاير؟!
عبدالعزيز عبداللطيف آل الشيخ

 

كيف بمدينة تمثل دولة عربية مسلمة لها ثقلها السياسي عربياً وإسلامياً ودولياً، مدينة طالما تغنى بها المنشدون وأشاد بها المؤلفون، كيف بها تصبح مدينة بهذا الشكل المتردي، نظافةً ومظهراً.

صحيح أنها تتمتع بمزايا كبيرة: سعة في الشوارع، ورحابة في الساحات، وعظم في المباني، وتنوع في المرافق، ولكن، يا رباه يصادر مزاياها ويعكر صفوها ويندب جبينها ويشوه جيدها النفايات المتناثرة هنا وهناك، في شوارعها وطرقاتها وميادينها، تلكم الأكياس البلاستيكية المتطايرة بألوانها وأحجامها المتعددة. رباه ماذا أصاب مدينتي، بل مدينتنا التي رفعنا شعاراً لها: «مدينة الوطن،» مدينة الجميع، هل تبلدت أحاسيسنا؟ إذ لم نعد نلاحظ تلكم النفايات المتطايرة بقوة الرياح تسابق العربات بل تسابق «مترو شارع العليا العام» تلكم الحافلة العامة التي تنقل من تعوزه الحيلة لشراء عربة «ولو محطمة!»

من أين تأتي النفايات؟ من الفضاء؟ لا وربي، من الناس: مني ومنك، من قائد المركبة الذي أمامك وخلفك وعن يمينك وعن شمالك، تراه يرمي نفايته عبر نافذة مركبته بيد، ويمسك بجواله باليد الأخرى، تناقض ما بعده تناقض. «خلونا نقول: المظهر الحضاري، المتمثل في الجوال وغير الحضاري النفاية يلقى بها في الشارع، شارعي وشارعك، شارعنا، مدينتنا، وطننا.» واويلاه منا!

في نادي الرياض الأدبي، منذ بضع ليلات، شارك أربعة من المثقفين يتغزلون في الرياض ويتحدثون عن ذكرياتهم فيها، ولم يروا ما في الرياض من داء، ألهبتهم العاطفة فرؤوا في عشيقتهم كل شيء حسن، لم يلحظوا أن تلكم العشيقة، اعتدينا عليها، ووأدناها، خدشنا حياءها وشوهنا حسنها وجمالها بما نلقيه فيها من نفايات، بكافة الأشكال والألوان والأنواع.

أعود إلى «مترو العليا» وأسأل: من رخص له بالأسلوب الفوضوي المتبع، على مشهد ومسمع من الناس وفي رابعة النهار؟ تلكم الحفلات التي لا تتوفر فيها الحدود الدنيا من متطلبات السلامة وليس لها نقاط توقف، وهي بحالة أقل ما يقال عنها: «أنها مزرية.» فهل يتفضل سعادة وكيل وزارة النقل لشؤون النقل المبجل وليترجل من كرسيه الدوار في مكتبه الوثير ويلقي نظرة على «مترو العليا،» بل أفضل من ذلك ليمتطيه ثم ليحكم على وضع هذه الحافلة، وليسأل هل يرقى هذا النموذج من النقل لمستوى العاصمة: «الرياض،» عروس نجد ودرة الجزيرة؟ ثم فليسأل ذلك المسئول المتربع على كرسيه الدوار: ماذا صنعت وكالته، وزارته، المنوط بها شأن النقل، بأمر النقل العام في حواضرنا وفي مقدمتها: الرياض؟!

لعلي أطرح أسئلة أخرى أمام أنظار المسؤولين والهيئات المنوط بها الشأن الحضري: أمانة العاصمة، الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، وزارة النقل، المرور، وزارة الصحة، وزارة التجارة، وغيرها مثل: الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، أليس جميعهم مناطاً بهم کل ما يتعلق بأمور المدينة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وغيرها من الأمور ذات المساس بساكن المدينة ومستخدم مرافقها؟ هلا بحملة مثل «حملة ساهر» على ظاهرة الاستهتار التي نزاولها بإلقاء النفايات في كل مكان من مدينتنا الجميلة، لولا «توسيخنا لها؟!»

وأخيراً نحن في حاجة ماسة إلى سن تشريعات وأنظمة للعناية بالبيئة ووسائل التعامل مع النفايات جمعاً ومعالجة وإعادة استخدام، وذلك من أجل المحافظة على الموارد وعلى البيئة لتكون رافداً للتنمية الاقتصادية والمجتمعية، لنرى الدول التي من حولنا شرقاً وغرباً، لنعرف كيفية تعاملها مع القضايا البيئية، لا أقول إننا في حاجة لإعادة ابتكار العربة بله العناية بأمور بيئتنا والمبادرة في اتخاذ أسباب المحافظة عليها.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد